لم يحصل إلّا بمعونة القرينة. وهو معنى المجاز.
حجّة من قال بأنّه حقيقة ، إن بقى غير منحصر ، أنّ معنى العموم حقيقة هو كون اللفظ دالا على أمر غير منحصر في عدد ، وإذا كان الباقي غير منحصر ، كان عاما.
والجواب : منع كون معناه ذلك ؛ بل معناه تناوله للجميع. وكان للجميع أوّلا ، وقد صار لغيره. فكان مجازا.
ولا يذهب عليك أنّ منشأ الغلط في هذه الحجّة اشتباه كون النزاع في لفظ العامّ أو في الصيغ. وقد وقع مثله لكثير من الاصوليّين في مواضع متعدّدة ، ككون الأمر للوجوب ، والجمع للاثنين ، والاستثناء مجازا في المنقطع. وهو من باب اشتباه العارض بالمعروض.
حجّة القائل بأنّه حقيقة ، إن خصّ بغير مستقلّ : أنّه لو كان التقييد بما لا يستقلّ يوجب تجوّزا في نحو : «الرجال المسلمون» من المقيّد بالصفة ، و : «أكرم بني تميم ان دخلوا» من المقيّد بالشرط ، و «اعتزل الناس إلّا العلماء» من المقيّد بالاستثناء ، لكان نحو : «مسلمون» للجماعة مجازا ، ولكان نحو : «المسلم» للجنس أو للعهد مجازا ، ولكان نحو : «ألف سنة إلّا خمسين عاما» مجازا. واللوازم الثلاثة باطلة. أمّا الأوّلان : فإجماعا ، وأمّا الأخير ، فلكونه موضع وفاق من الخصم. بيان الملازمة : أنّ كلّ واحد من المذكورات يقيّد بقيد هو كالجزء له ، وقد صار بواسطته لمعنى غير ما وضع له أوّلا. وهي بدونه ، لما نقلت عنه ، ومعه لما نقلت إليه. ولا يحتمل غيره. وقد جعلتم ذلك موجبا للتجوّز. فالفرق تحكّم.
والجواب : أنّ وجه الفرق ظاهر. فانّ الواو في «مسلمون» ، كألف «ضارب» وواو «مضروب» جزء الكلمة ، والمجموع لفظ واحد.