النزاع على الوجهين المذكورين ، فيكون الوجه الأوّل ملحوظا عند بعض القائلين بكونه حقيقة ، والثاني عند غيره.
ثمّ إنّ الأقوال المذكورة في المسألة ثمانية كما سيجيء إن شاء الله الإشارة إليها. والمختار عندنا أنّه لا تجوّز غالبا في لفظ العامّ ، وإنّما التجوّز على فرض حصوله فيما يفيد العموم إن كان هناك لفظ موضوع بإزائه ، فإنّك قد عرفت أنّ أغلب الألفاظ المستعملة في العموم ليست بنفسها موضوعة لخصوص العموم ، فإنّ الدالّ على العموم هناك مغاير لما يفيد المعنى الّذي يتعلّق العموم به ، ففي بعضها يكون العامّ لفظا والموضوع لإفادة عمومه لفظا آخر كما في «كلّ رجل» وفي بعضها يكون معنى العموم مستفادا بالالتزام ، وفي بعضها من ظاهر المقام أو نحو ذلك.
نعم لا يبعد في بعضها أن يكون العامّ والمفيد للعموم لفظا واحدا ، كما في أسماء المجازات ، ومع كون لفظ العامّ موضوعا لخصوص العموم أو كون الدالّ على عمومه موضوعا لذلك انّما يلزم التجوّز فيه إذا استعمل فيه في غير الشمول ، وأمّا مع استعماله فيه كما في عدّة من المخصّصات فلا مجاز أيضا ، فهناك تفصيل في المقام.
ولنوضح الكلام في المرام برسم امور :
أحدها : أنّه نصّ جماعة منهم بأنّ الغرض من وضع الألفاظ المفردة ليس إفادتها معانيها الأفراديّة ، وإنّما المقصود من بعضها إفهام معانيها التركيبيّة بعد تركيب بعضها مع بعض ، والظاهر انّ مقصودهم من ذلك أنّ الغرض من تقرير الأوضاع هو إظهار ما في الضمير من المطالب والحاجات ، وظاهر أنّ ما يتعلّق به الأغراض إنّما هو بيان المعاني التركيبيّة دون المفاهيم الأفراديّة ، لعدم تعلّق الأغراض بها إلّا نادرا ، فالحاجة إنّما تمسّ إلى بيانها من جهة توقّف المطالب التركيبيّة عليها ، فالوضع إنّما تعلّق بالألفاظ المفردة من جهة توقّف المعاني التركيبية على المعاني الأفراديّة المدلول عليها بالألفاظ المفردة ، والغرض الباعث