إذا دلّ ذلك على إطلاق ما يتعلّق العموم به على بعض مصاديقه ، كما في قولك «أكرم كلّ رجل ولا تكرم الجهّال» فإنّ ذلك يفيد كون ما اطلق عليه الرجل هناك خصوص العالم، فيكون العموم الوارد عليه بحسب ما اريد من اللفظ واطلق عليه دون مطلق الرجل ، وحينئذ لا مجاز في لفظة «كلّ» وما في معناه حيث استعمل في معناه ، ولا في مدخولها حيث اطلق على بعض مصاديقها.
وقد عرفت أنّ إطلاقه عليه على وجه الحقيقة ، نعم لو اريد بذلك هو معناه اللا بشرط من غير أن يقال بدلالة المخصّص على إطلاقه على خصوص المقيّد تعيّن التزام التجوّز فيما يفيد العموم من لفظة «كلّ» وما بمعناه.
خامسها : أنّ الألفاظ الدالّة على العموم على وجوه :
فمنها : ما يكون موضوعا لإفادة العموم والشمول ويكون الأمر الشامل غيره كما في لفظة «كلّ» وما بمعناه.
ومنها : ما يفيد ذلك من جهة المقام لوروده في سياق الشرط أو العموم كما في قولك «كلّما جاءك رجل فأكرمه» ومنه أسماء المجازات ونحوها.
ومنها : ما يدلّ على العموم على سبيل الالتزام كالنكرة الواقعة في سياق النفي.
ومنها : ما يدلّ عليه من جهة انصراف ظاهر الإطلاق إليه كما في الجمع المعرّف ، إذ ليس موضوعا لخصوص العموم كما مرّت الإشارة إليه.
سادسها : إنّك قد عرفت انّ شمول العامّ إنّما هو لمصاديقه والجزئيّات المندرجة تحته ، فلذا عرّفوه باللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له سوى بعض العمومات ، كالجمع المعرّف حيث إنّ شموله بالنسبة إلى أجزائه حسب ما مرّ بيانه ، فحينئذ نقول : إنّ صدق العامّ على كلّ من جزئيّاته على وجه الحقيقة من حيث انطباقه عليه ، فيكون العموم الطارئ عليه قاضيا بإطلاقه على جميع مصاديقه ، فيكون مستغرقا لجميع ما يصلح له ، وحينئذ فمفاد التخصيص الوارد عليه إطلاق ذلك العامّ على بعض مصاديقه والجزئيّات المطابقة له ، فلا تجوّز إذن في اللفظ من تلك الجهة ، إنّما التجوّز هناك ـ على القول به ـ بالنسبة إلى ما يفيد عموم اللفظ