الصيغة هو المنع من إدخال ماهيّة الفعل في الوجود مطلقا ، وذلك إنّما يتحقّق بعدم إدخال شيء من أفرادها في الوجود. فيكون قوله : «ولذا إذا نهى السيّد ... الخ» استشهادا بالمثال المذكور على حصول التبادر ، وعدّ جماعة منهم الآمدي والعلّامة في النهاية والفاضل الجواد ذلك دليلا برأسه على المطلوب ، وهو رجوع إلى التبادر المدّعى.
ويدفعه حينئذ المنع من استناد التبادر إلى نفس اللفظ ، وإنّما ذلك من جهة استلزام مدلول اللفظ ، فالانتقال إليه إنّما يكون بتوسّط ذلك ، فإن اريد بذلك الاستناد إليه في وضع النهي للدوام فهو ممنوع ، وإن اريد التمسّك به في استفادة الدوام منه في الجملة فمسلّم ومرجعه إلى ما قرّرناه ، وقد يمنع من حصول التبادر وفهم العرف للدوام وهو ضعيف كما عرفت.
نعم ، لو قام هناك قرينة على إرادة عدم الدوام لم يفهم منه ذلك ـ كما لو اشتغل أحد بضرب زيد فنقول له لا تضرب زيدا فإنّ المستفاد حينئذ من اللفظ نهيه عمّا يقع منه من الضرب دون منعه منه على سبيل الدوام كما هو الحال في نواهي الطبيب بالنسبة الى المريض ـ فالاستشهاد بذلك على المنع من حصول التبادر بالنسبة الى المجرّد عن القرينة كما هو محطّ النظر في المقام كما ترى.
هذا وقد يستدلّ أيضا على القول المذكور بوجوه اخر :
منها : دعوى الإجماع عليه ، فإنّ العلماء لم يزالوا يستدلّون بالنواهي على الدوام من غير نكير ، وقد حكى ذلك عنهم جماعة من الخاصّة والعامّة ، فمن الخاصّة العلّامة في النهاية والسيّد العميدي في المنية وشيخنا البهائي في الزبدة والفاضل التوني في الوافية وغيرهم ، ومن العامّة الحاجبي والعضدي وغيرهما.
ويرد عليه مثل ما مرّ من عدم دلالة ذلك على حصول الوضع. غاية الأمر حصول الاستفادة ولو من جهة الالتزام العقليّ أو العرفيّ ، فإن اريد بذلك بيان حصول مجرّد الدلالة في الجملة فهو متّجه ، وإن اريد الاستناد إليه في حصول الوضع فهو ضعيف.