ودعوى أصالة كون الدلالة تضمّنية عند الدوران بينها وبين الالتزاميّة ممّا لا يعرف الوجه فيه.
والقول بأنّ الدلالة الالتزاميّة مغايرة بالذات للدلالة المطابقيّة بخلاف التضمّنية لاتّحادهما بالذات وتغايرهما بحسب الاعتبار فبأصالة عدم تعدّد أصل الدلالة يترجّح كون الدلالة في المقام تضمّنية ، ممّا لا يصغى إليه ، لو سلّم قضاء الأصل بذلك ، لدوران الأمر في المقام مدار الظنّ. وعدم حصوله من التخريج المذكور واضح جدّا.
ثمّ إنّه قد يمنع في المقام من جريان طريقتهم على ذلك ، أو من دلالته على فرض ثبوته على استفادته من اللفظ ، فقد يكون ذلك من جهة انضمام القرائن ، ولا وجه له بعد نقل الجماعة استنادهم في فهم الدوام إلى مجرّد النواهي الواردة.
ومنها : أنّ مبادئ الأفعال نكرات في المعنى فإذا وردت في سياق النفي أو النهي أفادت العموم.
واورد عليه : بالمنع من جريان ذلك في المصادر الّتي في ضمن الأفعال سيّما في المقام ، غاية الأمر ان يسلّم ذلك في النكرة المصرّحة. ويدفعه فهم اشتراك العرف.
وقد يورد عليه أيضا : بأنّ غاية ما يستفاد من النكرة في سياق النفي نفي الحكم عن جميع الأفراد ، وأمّا في جميع الأوقات والأزمان فلا ، ألا ترى أنّ قولك : لا رجل في الدار لا يفيد نفي وجود الرجل فيها في كلّ زمان.
وفيه : أنّه إنّما يتبع الزمان الّذي وقع الحكم بالنسبة إليه من الماضي والحال والاستقبال، ويفيد عدم الحكم بالنسبة إلى ذلك الزمان إن كان قابلا له. وأمّا قولك : لا رجل في الدار فلا يفيد إلّا النفي في الحال ، كما هو قضيّة الجملة الاسميّة في الإثبات (١). فالأولى الإيراد عليه : بأنّه لا دلالة في ذلك على ثبوت الوضع لما سيجيء بيانه إن شاء الله من عدم وضع النكرة في سياق النفي للعموم ، فإن اريد بما ذكر إفادة الموضوعيّة للعموم لم يتّجه ذلك وإلّا كان وجها كما عرفت.
__________________
(١) الإيجاب ـ خ ل.