ولا يعرف منه اتّكاله عليه ، بل الظاهر أنّه من قبيل ضمّ المؤيّدات إلى الأدلّة.
هذا وربّما يوجد في كلام بعضهم ممّن لا تحصيل له مخالفة القولين والبناء على فساد الوجهين بدعوى عدم حجّية الظنّ مطلقا في استنباط الأحكام وعدم انسداد سبيل العلم بالتكليف ما دام التكليف باقيا وأنّ الأخبار المعروفة الواردة عن أهل بيت العصمة سلام الله عليهم ممّا تداولته الشيعة قطعيّ الصدور والدلالة ، وأنّها كافية في بيان ما يرد علينا من الفروع المتجدّدة مفيدة للقطع بحكم الواقعة وهو من الأوهام الفاسدة الّتي لا يخفى وهنها على من له أدنى مسكة ولا علينا في المقام الإشارة إلى بيان وهنها وإبداء وجوه فسادها ، إذ ليس ذلك من الامور المهمّة ولا ممّا يحتاج إلى إعمال نظر ورويّة ولعلّنا نشير إليه في مباحث الاجتهاد والتقليد إن شاء الله وإنّما المعقود عليه البحث في المقام هو الكلام في تميّز الحقّ من القولين الأوّلين وبيان أدلّة الجانبين.
ثمّ إنّه يقوم في كلّ من القولين المذكورين وجهان : فيحتمل أن يراد من حجّية الظنّ مطلقا كون الحجّة بعد انسداد سبيل العلم بالواقع هو الظنّ بالواقع فيكون حجّية الأدلّة عند القائل به منوطة بالظنّ بالواقع ، بل لا تكون الحجّة عنده إذن إلّا نفس الظنّ ، فمع عدم حصول الظنّ من الدليل لمانع يمنع منه لا تنهض حجّة وإن لم يكن المانع المفروض حجّة (١) ، إذ منعه من حصول الظنّ إنّما يتبع الوجدان دون الحجّية ، وقضيّة عدم الحجّية عدم الاتّكال على الظنّ الحاصل المانع ولا ربط له بالمنع من حصول الظنّ منه. ويحتمل أن يراد به حجّية ما يفيد الظنّ في نفسه سواء حصل به الظنّ بالحكم فعلا لانتفاء ما يمنع من حصوله(٢) أو لم يحصل لحصول مانع منه ، والأوّل هو الّذي يقتضيه ظاهر بعض كلماتهم وتقتضيه أدلّتهم.
وأمّا الثاني فلا يفي به ما قرّروه من الأدلّة كما ستعرف إن شاء الله.
ويمكن أن يقال بحجّية الظنّ مطلقا سواء تعلّق بالواقع أو بالطريق الموصل
__________________
(١) في «ق» بإضافة : كالظنّ الحاصل من القياس في مقابل خبر الواحد.
(٢) في «ق» بإضافة : وذلك كالخبر الواحد المعارض بالقياس.