والحاصل : أنّ النهي يفيد الدوام مطلقا مع الإطلاق والدوام على حسب القيد مع التقييد ، ولا يفيد الدوام أصلا مع قيام القرينة على ارادة الترك في الجملة من دون لزوم المجاز في شيء من الصور ، حسب ما مرّ بيانه.
وقد يقرّر الاحتجاج بوجه ثالث : وهو أنّه لو كان حقيقة في خصوص الدوام لما كان مستعملا في غيره على وجه الحقيقة ، والملازمة ظاهرة ، والتالي باطل ، لنهي الحائض عن الصلاة والصوم مع كون النهي المتعلّق بهما على وجه الحقيقة دون المجاز.
وفيه : أنّ الدعوى المذكورة محلّ خفاء ، إذ كون النهي عنهما على وجه الحقيقة أوّل الكلام.
وأورد عليه أيضا برجوعه حينئذ إلى الدليل الثالث.
وأنت خبير بما فيه لاختلاف كيفيّة الاستدلال في المقامين وإن اتّحدت المقدّمات المأخوذة فيهما. على أنّ ذلك أيضا ممنوع بناءا على حمل المناقضة في الدليل الآتي على المناقضة الحقيقيّة دون الصوريّة الحاصلة في المجازات الباعثة على صرفها من الحقيقة.
وقد يقرّر ذلك بوجه رابع حاصله : أنّ بعض صيغ النهي ورد لا للتكرار ومجيئه للتكرار أمر مقرّر معلوم ، فيجب أن يكون للقدر المشترك بينهما دفعا للاشتراك والمجاز.
وأنت خبير ببعده عن العبارة جدّا فحملها على ذلك تعسّف ركيك ، مضافا إلى أنّه عين الدليل الثاني. فلا وجه لحمل العبارة عليه ، ثمّ الإيراد بعدم الفرق بين الدليلين ـ كما فعله المدقّق المحشّي رحمهالله ـ.
وقد يقرّر بوجه خامس : وهو أنّه لو كان للتكرار لما انفكّ عنه مع إطلاق النهي ، والتالي باطل فالمقدّم مثله.
وهو أيضا خارج عن ظاهر العبارة ولا يوافقه الجواب المذكور في كلامه ، وإنّما يناسبه منع الملازمة إن اريد بإطلاق النهي إطلاقه بحسب الظاهر وإن ورد