التقييد بعد ذلك ، لجواز تأخير البيان عن وقت الخطاب. ومنع بطلان التالي إن اريد إطلاقه بحسب الواقع. فاحتمال حمل العبارة كما صنعه المدقّق المحشّي رحمهالله ليس على ما ينبغي ، وهو ظاهر.
قوله : (وبأنّه ورد للدوام) إن اريد بذلك دفع وضعه لخصوص أحد المعنيين وكلّ منهما ليكون مجازا في الآخر أو مشتركا لفظيّا بينهما فله وجه بناءا على صحّة الاستناد في إثبات الأوضاع إلى الأصل المذكور إلّا أنّه لا يفيد عدم دلالته على الدوام ولو على سبيل الالتزام ، وإن اريد به دفع دلالته على الدوام مطلقا فلا إشعار في الدليل المذكور على دفعه ، أقصى الأمر أن يفيد عدم وضعه للدوام.
قوله : (وبأنّه يصحّ تقييده بالدوام ... الخ.)
يمكن تقرير ذلك بوجهين :
أحدهما : أن يراد به أنّ مدلول النهي على ما هو المنساق منه في العرف قابل للتقييد بالدوام ونقيضه ، من غير أن يعدّ ذلك تكرارا ولا تناقضا في الظاهر ليلزم به الخروج عن ظاهر النهي ، بل مفاده أمر قابل للأمرين ، فيعلم بذلك كون المفهوم منه أعمّ منهما.
ثانيهما : أن يقال إنّه يجوز تقييد النهي بكلّ من القيدين ، والأصل فيما يقيّد أن يكون حقيقة في كلّ منهما هربا من التأكيد والمجاز ـ حسب ما مرّ بيانه في محلّه ـ.
قوله : (والجواب عن الأوّل ... الخ) يمكن تقرير الجواب عن كلّ من الوجهين الأوّلين المذكورين في تقرير الاستدلال ، أمّا على الأوّل : فبأن يقال : إنّ ما يدّعى من الملازمة المذكورة العقليّة إنّما هو بالنسبة إلى النواهي المطلقة ، إذ اقتضاء ترك الطبيعة على سبيل الإطلاق قاض بعدم إدخال شيء من أفرادها في الوجود ، إذ لا يعقل ترك الطبيعة المطلقة إلّا بذلك كما مرّ. أمّا إذا قيّد النهي أو المنهيّ عنه بشيء فإنّما يكون قضيّة النهي حينئذ عدم إدخال شيء من أفراد المنهيّ عنه في الوجود ـ على حسب ما ذكر من القيد ـ فالدلالة على الدوام حينئذ حاصلة