لا يقتضي إرادة تفهيمه بذلك الخطاب حتّى يكون الكلام الوارد منه عليهالسلام بمنزلة كلام المصنّفين وخطابهم المقصود منه إفهام الجميع.
وهذا الوجه وإن لم يكن بعيدا بالنسبة إلى الكتاب ـ فإنّ الظاهر كونه موضوعا لإفهام الامّة واستفادتهم منه بالتدبّر فيه والتأمّل في معانيه إلى يوم القيامة على ما هو الظاهر من وضع الكتب ويستفاد من بعض الأخبار أيضا ـ إلّا أنّه لم يقم عليه دليل قاطع ، فلا يخرج أيضا من دائرة الظنّ المطلق ، ولا دليل على حجّية ذلك الظنّ المخصوص ، فلا فائدة في ادراج خطاباته تحت القسم المذكور (١) إلّا مع إقامة الدليل القاطع عليه لا بدونه ، كما هو الواقع.
فظهر بما ذكرنا أنّه ليس شيء من الظنون الحاصلة عندنا ممّا قام الدليل على حجّيته(٢) على سبيل السلب الكلّي ، ولا يتمّ القول بحجّية شيء منها إلّا بالدليل العامّ القاضي بحجّية ظنّ المجتهد مطلقا. هذا كلّه بالنسبة إلى السند والدلالة.
ثمّ يأتي بعد ذلك ملاحظة التعارض الحاصل بينهما ، فإنّه لا يحصل دليل ظنّي خال عن المعارض بالمرّة وعلاج التعارض بين الأدلّة من الامور الظنّية في الأغلب ، والأخبار الواردة فيه مع كونها ظنّية معارضة أيضا ، ولا يستفاد المقصود منها إلّا بالظنّ ، فهو ظنّ في ظنّ.
قلت : أمّا المناقشة في قطعيّة حجّية الكتاب من جهة وقوع الخلاف فيها فهو أوهن شيء ، لوضوح أنّ مجرّد وقوع الخلاف في مسألة لا يقضي بكونها ظنّية كيف! وأغلب المطالب الكلاميّة ممّا وقع الخلاف فيها من جماعة من العقلاء ، ومع ذلك فالحكم فيها من القطعيّات ، وليس المدرك لحجّية الكتاب منحصرا في الإجماع حتّى يناقش من جهة وجود الخلاف ، وعلى فرض انحصار دليله القطعي فيه ووجود الخلاف فيه من الجماعة مسبوق بالإجماع ، بل قد يدّعى قيام الضرورة عليه ، وقد بلغت تلك المسألة في الوضوح مبلغا لا يلتفت معه إلى الخلاف المذكور ولا إلى الشبهة الواردة فيها.
__________________
(١) في «ق» : الأول.
(٢) كذا ، والظاهر أنّ في العبارة سقط.