وجوب كثير من أجزائها واستحبابه ، فلابدّ مع مراعاة القول باعتبار الوجه من تكرار العمل، وهو يصل في الغالب إلى حدّ لا يمكن الفراغ منه موهون بأنّ طريق العلم غير مسدود في هاتين المسألتين لقطع العقل بحسن الاحتياط في تفريغ الذمّة ، بل والقطع به بملاحظة ما ورد في الشرع ، ومجرّد وقوع الخلاف في مسألة لا يقضي بعدم إمكان تحصيل القطع (١) فيها ، على أنّه خلافه في محلّ الفرض ـ أعني ما إذا انسدّ باب العلم بالحكم وانحصر طريق العلم بتفريغ الذمّة في الاحتياط مع عدم قيام الدليل على حجّية الظنّ ـ غير معلوم ، بل الظاهر خلافه. وكذا الحال في المسألة الثانية ، فإنّ القول بوجوب نيّة الوجه في الأجزاء موهون جدّا ، بل مقطوع بفساده سيّما بعد عدم إمكان تحصيل القطع وعدم قيام دليل على الاكتفاء بالظنّ ، ومع الغضّ عن ذلك فبعد وجوب تحصيل العلم بالفراغ وكون الاحتياط طريقا إلى العلم لانحصار الطريق فيه ، يجب البناء عليه ، ومعه يكون الإتيان بالأجزاء الدائرة بين الوجوب والندب ـ مثلا ـ واجبا فلابدّ على القول باعتبار نيّة الوجه من أدائها على جهة الوجوب فلا حاجة إلى التكرار.
وما قد يتخيّل : من اتّفاق الأصحاب على عدم وجوب الأخذ بالاحتياط في جميع المقامات ـ أعني في مقام الجهل بالتكليف الإيجابي أو التحريمي ، أو الشكّ في المكلّف به إيجابا أو منعا ـ فكيف يمكن الالتزام في الجميع؟ مدفوع بالالتزام به في محلّ الإجماع ، فيتمسّك فيه حينئذ بالأصل.
والحاصل : أنّ الأمر دائر في المقام بين القول بسقوط التكليف من جهة الأصل والأخذ بالاحتياط [وشيء منهما لا ربط له بالعمل بالظن. نعم قد يقال باتّفاقهم على عدم وجوب العمل بالاحتياط](٢) في ما دلّ على خلافه الأدلّة الظنّية في الجملة ، لاتّفاق القائل بأصالة الظنّ والقائل بالظنون المخصوصة عليه ، إلّا أنّ كون الاتّفاق المذكور حجّة شرعيّة محلّ تأمّل ، لوضوح المناقشة في كشفه عن قول الحجّة كما لا يخفى ، على أنّهم إنّما قالوا به من جهة قيام الأدلّة عندهم
__________________
(١) في «ق» الواقع.
(٢) أثبتناها من «ف» و «ق».