على حجّية ما سواه من وجوه الأدلّة. فإذا فرض عدم قيام دليل عليه عندنا وعدم صحّة ما ذكروه من الأدلّة ، فكيف يجعل الاتّفاق المذكور دليلا على المنع مع اختلاف الحال؟ إذ عدم حجّيته مع قيام الدليل غير عدمها مع عدم قيامه ، وهو ظاهر.
والقول بأنّ الأخذ بالاحتياط موجب للعسر والحرج محلّ منع ، كيف؟ والعمل به متعيّن بالنسبة إلى من لم يتمكّن من الرجوع إلى الطرق المقرّرة للاستنباط ، ولا إلى عالم مستنبط للأحكام عن تلك الأدلّة إذا أمكنه تحصيل الاحتياط في المسألة ، كما فصّل القول فيه في مباحث الاجتهاد والتقليد ، فلو كان ذلك حرجا منفيّا في الشريعة لما وقع التكليف به حينئذ. ومع تسليمه فالقول برفع العسر والحرج مطلقا مبنيّ على العمل بإطلاق ما دلّ عليه من الأدلّة الشرعيّة ، وهو استناد إلى الظنّ.
وقد يقال : إنّ الرجوع إلى الأصل في غير ما يمكن فيه تحصيل القطع ولو بمراعاة الاحتياط رجوع إلى الظنّ أيضا ، فكيف يصحّ الرجوع إليه في التخلّص عن الأخذ بالظنّ؟
ويدفعه : أنّ الأخذ بالأصل ليس من جهة حصول الظنّ به ، إذ قد لا يحصل منه الظنّ في المقام وإنّما الأخذ به من جهة انسداد طريق الوصول إلى التكليف ـ أعني العلم ـ وعدم قيام دليل على الرجوع إلى غيره فيندفع التكليف ، لانتفاء السبيل إليه ، فهو في الحقيقة رفع للتكليف لا إثبات له ، ومع ذلك فهو رجوع إلى العلم نظرا إلى الوجه المذكور دون الظنّ ، وبعد الغضّ عن ذلك فالملحوظ في المقام هو الإيراد على الدليل المذكور ، والمأخوذ فيه إبطال الرجوع إلى الأصل من جهة أنّ فيه خروجا ممّا علم ثبوته في الدين.
وقد قرّرنا أنّه لا يلزم ذلك. والقول بأنّه رجوع الى الظنّ على فرض تسليمه كلام آخر غير مأخوذ في الاحتجاج ، وبما قرّرنا يظهر الجواب عمّا قد يقال : من أنّا إن سلّمنا جريان الاحتياط في أعمال نفسه فلا يمكن جريانه بالنسبة إلى بيان