به من الظنون في معرفة الأحكام. والرجوع إلى المرجّح الظنّي في إثبات الظنّ ممتنع ، فيتعيّن الرابع ، وهو المدّعى.
ويمكن الإيراد عليه على نحو ما مرّت الإشارة إليه تارة : بأنّا نلتزم وجوب تحصيل العلم بالواقع أو بطريق دلّ الدليل القاطع على حجّيته ، وفي ما عدا ذلك يبنى على الاحتياط على حسب ما مرّ تفصيل القول فيه ، وفي ما لا يمكن الاحتياط فيه إن لم يعلم تعلّق التكليف بنا في خصوص تلك المسألة من إجماع أو ضرورة وكان لنا مندوحة عنه يبنى على سقوط التكليف ، لعدم ثبوت طريق موصل إليه بحسب الشرع. وإن علم ثبوت التكليف بالنسبة إلينا يبنى فيه بالتخيير بين الوجهين أو الوجوه المحتملة في تعلّق التكليف ، يعني أنّه يؤخذ بالقدر المتيقّن ويدفع اعتبار ما يزيد عليه ، لانتفاء الطريق إليه. كما أنّا مع القول بقيام الدليل القاطع على طريق يعلم معه بتفريغ الذمّة نلتزم به بالنسبة إلى من يكون في أطراف بلاد الإسلام إذا لم يتمكّن من الوصول إلى الطريق المقرّر في الشريعة وتمكّن من تحصيل طريق الاحتياط ، فإنّه يلزم البناء على نحو ما أشرنا إليه.
وتارة بالتزام سقوط التكليف في ما لا سبيل إلى العلم به. قوله : إنّه يلزم الخروج عن الدين ، قلنا : ممنوع ، على حسب ما مرّ تفصيل القول فيه.
واخرى بالتزام البناء على العمل ببعض الظنون. قوله : «إنّه يلزم الترجيح من دون مرجّح» قلنا : ممنوع ، وإنّما يلزم ذلك إذا لم يقم عندنا دليل قطعي أو منته الى القطع على حجّية جملة من الظنون كافية في حصول المطلوب.
ومع الغضّ عنه فإنّما يلزم ذلك مع عدم الاكتفاء بالمرجّح الظنّي إن قلنا بعدم حجّية الظنّ المتعلّق بحجّية بعض الظنون دون بعض ، وكلا الدعويين محلّ منع ، بل فاسد حسب ما مرّ القول فيهما.
وأيضا نقول : إنّه إن اريد بالشرطيّة المذكورة لزوم أحد الامور الثلاثة على تقدير عدم حجّية مطلق الظنّ بالواقع بعد انسداد طريق العلم به فالملازمة ممنوعة ، وما ذكر في بيانها غير كاف في إثباتها ، لإمكان الرجوع إلى الظنّ بما كلّفنا به من