وغيرهم في الاستدلال على الاستحباب والكراهة بعد ثبوت أصل المشروعيّة.
وقد نصّ جماعة من المحقّقين إلى اشتهار ذلك بين الأصحاب قال الشهيد الثاني قدسسره: جوّز الأكثر العمل بالخبر الضعيف في نحو القصص والمواعظ وفضائل الأعمال إلّا في صفات الله وأحكام الحلال والحرام ، وهو حسن حيث لا يبلغ الضعيف حدّ الوضع والاختلاق ، لما اشتهر بين العلماء المحقّقين عن التساهل في أدلّة السنن ، وليس في المواعظ والقصص غير محض الخبر.
وقال المحقّق الخوانساري : قد اشتهر بين العلماء أنّ الاستحباب إنّما يكتفى فيه بالأدلّة الضعيفة و... (١) بعد ذلك لكن اشتهار العمل بهذه الطريقة بين الأصحاب من غير نكير ظاهر (٢) بل هي في الغاية يجري النفس ويستحقّها عليه لعلّ الله تعالى يقبل عذره.
وقد اورد عليه بوجوه :
أحدها : أنّ هذه المسألة من اصول المسائل الاصوليّة ـ حيث يثبت بها مدرك في الشريعة لركن من الأحكام الشرعيّة ـ فلا يكتفى في مثلها بمجرّد المظنّة ، حسب ما تقرّر عندهم من عدم الاكتفاء بالظنّ في المسائل الاصوليّة يريدون به أمثال هذه المسألة.
ويدفعه أوّلا : منع اشتراط القطع في مسائل اصول الفقه ، والمقصود ممّا ذكروه مسائل اصول الدين ، كيف؟ ومبنى أدلّتهم في مسائل الاصول على الظنّ كمسائل الفقه. غاية الأمر اعتبار انتهاء الظنّ فيها إلى اليقين ، وهو معتبر في الفقه أيضا.
نعم انتهاء المسائل الفقهيّة إلى القطع إنّما يكون في علم الاصول. وأمّا المسائل الاصوليّة فهي إنّما تنتهي إلى القطع في ذلك الفنّ دون غيره ، فلابدّ أن يكون في جملة مسائلها مسألة قطعيّة يكون الاتّكال في الظنون المتعلّقة بسائر المسائل عليها ، وعلى فرض أن يراد بالكلام المذكور هنا ما يشمل مسائل اصول الفقه فكان المراد به هو هذا المعنى ، فعنوا باعتبار القطع في الاصول أنّه يعتبر بلوغ
__________________
(١) كلمة غير مقروءة.
(٢) مشارق الشموس ص ٣٤.