الإتيان بذلك الفعل. وهذا كما ذكرنا إنّما يفيد استحباب ذلك الفعل لا وجوبه حتّى يلزمهم الالتزام بالوجوب في ما دلّ عليه ، بل قضيّة ذلك استحباب ما دلّ الخبر الضعيف على وجوبه أيضا.
نعم لو دلّت هذه الأخبار على وجوب الحكم بمقتضى الخبر الوارد في الثواب قد يتّجه ما ذكره ، لكن ليس فيهما ايماء بذلك أصلا ، وهو واضح.
فان قلت : إنّ مفاد الأخبار المذكورة يعمّ ما إذا كان البلوغ بطريق معتبر وغير معتبر ، ولا يختصّ بالأخير حتّى يقال حينئذ باستحباب ما دلّ على وجوبه ، فلو كان البلوغ على الوجه المعتبر كان ما دلّ على وجوبه واجبا ، وما دلّ على ندبه مندوبا قطعا ، فإذا فرض اعتبار البلوغ الغير المعتبر نظرا إلى اعتبار الأخبار المذكورة فينبغي أن لا يختلف الحال في الصورتين ، فكيف يقال بالتفكيك بين الأمرين؟!
قلت : ثبوت الوجوب والاستحباب في الصورة الاولى إنّما هو من جهة اعتبار الدليل الدالّ عليه ولا ربط له بمؤدّى هذه الأخبار ، فإنّ مقتضاها ثبوت الرجحان لمجرّد البلوغ مع قطع النظر عن كونه بالطريق المعتبر ، فهذا الوجه إنّما يفيد رجحان الإتيان بالفعل من الجهة المذكورة مطلقا أو رجحانا غير مانع من النقيض ، وذلك لا ينافي حصول الرجحان المانع من جهة اخرى.
فمحصل ما يستفاد من الأخبار المذكورة : أنّ مجرّد بلوغ الخبر إليه قاض برجحان ذلك الفعل على أحد الوجهين المذكورين ، من غير أن يستفاد منها وجوب ذلك الفعل بوجه من الوجوه ، فإن دلّ دليل شرعي على الوجوب فذاك ، وإلّا فليس المستفاد من تلك الأخبار إلّا الندب.
وما قد يقال : من أنّ مقتضى الروايات المذكورة ترتّب ثواب الواجب فيما إذا روي وجوبه وثواب المندوب فيما إذا روي ندبه ـ فكما يقال بدلالة الحكم بترتّب ثواب المندوب في ما روي ندبه فكذا ينبغي القول بدليليّته بالنسبة إلى ما روي وجوبه ـ فاسد ، إذ الفرق بين الواجب والمندوب إنّما هو في ترتّب العقاب على