والحاصل : أنّ الأخذ في المقام بمقتضى الخبر الضعيف أخذ بمقتضى الاحتياط في الدين ، والأخذ بمقتضى الاحتياط حسن راجح في الشرع. أمّا الصغرى فقد عرفت الحال فيها ، وأمّا الكبرى فلما دلّ عليه من صريح حكم العقل ، وما ورد فيه من الأخبار المستفيضة المعتضدة بحكم العقل وتلقّي الأصحاب لها بالقبول.
فإن قلت : إنّ ما ذكرته في بيان الصغرى إنّما يصحّ مع عدم قيام احتمال المنع ، وهو قائم في المقام ، إذ مع عدم موافقة ذلك للواقع يكون الإتيان به على سبيل الاستحباب ، وتركه على وجه الكراهة بدعة محرّمة ، فلا وجه لإجراء الاحتياط في شيء من المقامين.
وقد نصّ على ذلك بعض أفاضل المتأخّرين قائلا : بأنّ احتمال الحرمة في هذا الفعل الّذي تضمّن الحديث الضعيف استحبابه حاصل فيما إذا فعله المكلّف بقصد القربة ولاحظ رجحان فعله شرعا ، فإنّ الأعمال بالنيّات ، وفعله على هذا الوجه دائر بين كونه سنّة ورد الحديث بها في الجملة ، وبين كونه تشريعا وإدخالا لما ليس من الدين فيه.
ولا ريب أنّ ترك السنّة أولى من الوقوع في البدعة ، فليس الفعل المذكور دائرا في وقت من الأوقات بين الإباحة والاستحباب ولا بين الكراهة والإباحة ، فتاركه متيقّن السلامة وفاعله متعرّض للندامة ، على أنّ قولنا بدورانه بين الحرمة والاستحباب إنّما هو على سبيل المماشاة وإرخاء العنان ، وإلّا فالقول بالحرمة من غير ترديد ليس عن السداد ببعيد ، والتأمّل الصادق على ذلك شهيد. انتهى.
وأيضا فنية الوجه معتبرة عند جماعة من الأصحاب في أداء الواجبات والمندوبات ، وهي متوقّفة على ثبوت الخصوصيّة عند المكلّف ، لعدم جواز الترديد في النيّة واعتبار الجزم فيها ، وهو غير حاصل مع قيام الاحتمالات ، فبملاحظة ذلك لا نسلّم الاحتياط في المقام.
قلت : أمّا الوجه الأوّل فمدفوع بأنّ احتمال البدعة مرتفع بالاحتياط ، إذ بعد