باختلاف الأفعال ، وبعد إبطال كلّ من الوجوه المتقدّمة يتعيّن البناء عليه ، وستعرف ما فيه.
وقد اورد على القولين الأوّلين بوجوه :
الأوّل : لزوم امتناع النسخ بناء على كلّ منهما ، إذ لو كانت الذات مجرّدة أو هي مع لوازمها كافية في الاتّصاف بأحد الوصفين استحال الانفكاك بينهما فيستحيل النسخ من الحكيم.
الثاني : أنّهما لو كانا ذاتيّين بأحد الوجهين المذكورين لم يمكن التخلّف مع أنّا نرى الفعل الواحد حسنا من وجه قبيحا من الآخر كالكذب ، فإنّه قبيح لو اشتمل على مفسدة خارجيّة ، وحسن إذا اشتمل على مصلحة عظيمة ـ كحفظ بني آدم أو دماء المسلمين ـ بل تركه حينئذ من أقبح القبائح ، وكذا الحال في الصدق وغيره من الأفعال.
الثالث : أنّه لو قال : (لأكذبنّ غدا) لزم اجتماع الحسن والقبح ، فإنّه إن صدق كان حسنا من حيث كونه صدقا ، وقبيحا من حيث كونه مفضيا إلى كذبه في الخبر الأوّل ، والمفضي إلى القبح قبيح ، وإن كذب فيه كان قبيحا من حيث كونه كذبا ، حسنا من جهة إفضائه إلى الصدق في الخبر المتقدّم ، والمفضي إلى الحسن حسن ، سيّما إذا كان تركه مفضيا إلى القبيح كما في المقام ، ويجري نحو ذلك في ما إذا أخبر بإيقاع سائر الامور القبيحة.
واورد عليه : أنّه لا يلزم اجتماع الحسن والقبح في كلامه الغديّ على شيء من الوجهين ، إذ مراده بقوله : (لأكذبنّ غدا) إيجاد طبيعة الكذب في الجملة أو في كلّ ما يخبر فيه ، فعلى الأوّل مجرّد صدقه في الخبر المفروض لا يؤدّي إلى الكذب في الخبر الأوّل ، لجواز كذبه في غيره ، وإن كان الثاني فكذبه فيه لا يفضي إلى صدق الخبر المتقدّم ، لجواز صدقه في غيره ، وقد جعل التفتازاني في ذلك وجها لإضراب العضدي عن التقرير المذكور.
وتقريره الاحتجاج بلزوم اجتماع الأمرين في الخبر اليومي بيانه ـ على