أحدها : أنّهما ذاتيّان للأفعال ، وحكي القول به عن قدماء المعتزلة ، وكأنّهم أرادوا أنّهما ثابتان لها بمجرّد ذواتها من غير انضمام شيء وراء الذات من صفة وجوديّة ، أو اعتبار، على نحو ثبوت الزوجيّة للأربعة ، حيث لا يفتقر ثبوتها لها إلى شيء وراء الذات ، ويحتمل أن يراد به أنّ نفس الذات قاضية بثبوت الحسن أو القبح وإن أمكن أن يعارض الذات جهة خارجيّة تمنعها عن مقتضاها ، والظاهر أنّهم أرادوا الأوّل ، حيث إنّ الظاهر ممّا حكي عنهم انحصار جهة الحسن والقبح في الذات على الوجه الأخير لا ينحصر الأمر فيها ، بل تكون نفس الذات أيضا كأحد الاعتبارات ، ويشهد له أيضا الإيرادات الموردة على القول المذكور فإنّها مبنيّة على فهم ذلك من كلامهم.
ثانيها : أنّهما ثابتان لها لصفات حقيقيّة توجب ذلك ، وعزي القول به إلى جماعة ممّن تأخّر عن اولئك الأوائل ، والظاهر أنّ المراد بالصفات الحقيقيّة هي الصفات اللازمة دون الصفات المفارقة العارضة في بعض الأحوال دون البعض على ما يقول به القائل بالاعتبارات.
وقد نبّه عليه في شرح الشرح ، إذ من البيّن أنّ حمل الصفات الحقيقيّة على معناها المعروف ممّا لا يعقل في المقام كما لا يخفى.
ثالثها : التفصيل بين الحسن والقبح ، فالأوّل يكفي فيه نفس الذات دون الثاني ، فهو مستند إلى الصفة الحقيقيّة ، وكأنّه أراد به اللازمة حسب ما مرّ وحكى القول به عن أبي الحسين ، والظاهر أنّه أراد باستناد الحسن إلى الذات هو المعنى الأخير حتّى يصحّ استناد القبح عنده إلى أمر خارج عن الذات.
رابعها : أنّهما يثبتان بالوجوه والاعتبارات فليس شيء منهما مستندا إلى نفس الذات ولا الصفات اللازمة.
خامسها : أنّه لا يتعيّن شيء من الوجوه المذكورة ، بل قد يكون ذاتيّا مستندا إلى الذوات أو إلى الصفات اللازمة ، وقد يكون اعتباريّا منوطا بالوجوه والاعتبارات نظرا إلى صحّة استناده إلى كلّ من المذكورات فيختلف الحال