غاية الأمر احتمال وجود المانع ، وهو مدفوع بالأصل.
ويشكل ذلك : بأنّ مرجع المانع إلى الشرط فإنّ عدم المانع شرط في الصحّة وحينئذ فالشكّ فيه أيضا قاض بالشكّ في وجود المشروط به كغيره من الشروط الوجوديّة ، وقد يدفع : بأنّه وإن كان مرجع المانع إلى الشرط إلّا أنّ الملحوظ في الشرط وجود الشيء ، وفي المانع عدمه ، فتحقّق الأوّل مخالف للأصل بخلاف الثاني ، وكفى به فارقا بين المقامين.
ألا ترى أنّه لو شكّ في تحقّق الحدث في الصلاة بنى على عدمه. ولو شكّ في تحقّق الطهارة أو الاستقبال بنى على عدمهما أيضا.
وقد يشكل ذلك : بالفرق بين ما إذا دار الأمر بين وجود الشيء المانع وعدمه ، وبين وجود الشيء والشك في مانعيّته ـ أي الشكّ في كونه هو الأمر المانع أو غيره ـ فإنّه لا شكّ في دفع الأوّل بالأصل ، وأمّا الثاني فدفعه بالأصل مشكل ، لاحتمال أن يكون ذلك هو ما اعتبر عدمه في تحقّق المطلوب وأن يكون غيره ، ونسبة الأصل إلى الأمرين على وجه واحد ، بل قد يقال : إنّ قضيّة الأصل هنا أيضا هو الأوّل نظرا إلى أنّ حصول الاشتغال بأداء المأمور به معلوم ، والخروج عنه غير معلوم ، فيبنى على عدمه.
نعم لو كان هناك أصل يقضي بانتفاء المانع صحّ الإشكال عليه ، كما لو شكّ في الشعرات الملصقة بالثوب أنّها من المأكول أو غيره ، فإنّه يمكن أن يقال : إنّ الصلاة في الثوب المفروض قبل حصول الشعرات فيه كانت صحيحة فيستصحب ذلك إلى أن يعلم المنع. هذا كلّه إذا كان تحريم الشيء في المقام على وجه المانعيّة.
أمّا إذا لم يكن مانعا ، بل كان دائرا بين الإباحة ومجرّد التحريم وإن تبعه المانعيّة ، فلا شكّ في كون الأصل فيه أيضا عدم التحريم ، كما في الصورة السابقة ، فيدفع المانعيّة من جهة نفي التحريم.
ثمّ إنّه لا فرق فيما ذكرنا بين العبادة المجملة وغيرها من المطلقات ، إذ المفروض ثبوت المانعيّة. غاية الأمر دوران الشيء بين كونه ذلك المانع أو غيره.