فإذا استعملهما فقد استعمل المحرّم قطعا ، فيحصل باستعمالهما العلم بارتكاب الحرام.
قلت : لا فارق بين الصورتين ، فإنّ الحرمة الواقعيّة حاصلة في المقامين. والمفروض كون الجهل بحرمته بخصوصه قاضيا بجواز الإقدام ، فيكون الإقدام على كلّ من المشتبهين سائغا ، فلا يحرم في الظاهر في شيء من الصورتين ، والحرام الواقعي والعلم به حاصل في المقامين ، والعلم بحرمة أحدهما في الظاهر لا يثمر في المقام بعد عدم تأثيره في تحريم الخصوصيّة.
نعم لو ثبت من الخارج تحريم تحصيل العلم بارتكاب الحرام الواقعي تمّ الكلام ، وقد عرفت ما فيه ، فظهر بذلك ضعف التفصيل المذكور ، مضافا إلى ما عرفت من وهن الأدلّة الدالّة على الجزء الأوّل من مقصوده.
وقد يحتجّ عليه بأنّه مع استعمال الجميع يشغل ذمّته بحقّ الناس قطعا ، وشغل الذمّة بحقوق الناس محظور ، فيحرم ما يحكم معه باشتغال الذمّة ، وهو أوهن من سابقه ، إذ مع عدم جريانه في جميع الفروض ، وعدم وضوح بطلان الفصل ، لا دليل على حرمة اشتغال الذمّة بالحقّ. كيف! وجميع المعاملات والمحاكمات مشتملة على اشتغال الذمّة إمّا على وجه ثبوتها في الذمّة أو باشتغال الذمّة بوجوب الدفع.
نعم لو كان ذلك على الوجه المحرّم ـ كالغصب ـ كان محرّما ، ومع ذلك ليس هناك تحريمان ، بل هناك حرام واحد يتبعه اشتغال الذمّة ، فجعل الذمّة مشغولة بحقّ ليس حراما مستقلّا هناك أيضا وإن وجب تفريغه والخروج عنه. وأمّا في المقام فلمّا قضى الدليل ـ على حسب ما يدّعيه المستدلّ ـ بجواز التصرّف كان اشتغال ذمّته بالحقّ على الوجه السائغ ، كما في نظائره من المعاملات ، مثل ما إذا كان التصرّف في المال عن إذن المالك له فيدفع عوضه إليه ، فإنّ الإذن الشرعي على حسب ما يدّعيه لا يقصر عن إذن المالك ، فإن كان لا يحرم هناك قطعا فمن أين يجيء التحريم في المقام ، وهو ظاهر.
* * *