القطعيّة. والظاهر أنّ الشبهة في المقام إنّما نشأ من ملاحظة ما ذكروه في حدّ الفقه ، ولمّا زعم اتّحاد متعلّق الأمرين حكم بتعميم الاجتهاد للصورتين حيث رأى حكمهم بشمول الفقه لهما.
وقد وقع عكس ذلك لشيخنا البهائي رحمهالله حيث خصّ الفقه بالظنّيات وقطع بخروج القطعيّات عنه لمّا رأى من تخصيصهم الاجتهاد بالظنّيات ، كما مرّت الإشارة إليه في أوّل الكتاب.
وقد عرفت : أنّ الحقّ اختلاف متعلّق الأمرين وأنّ متعلّق الاجتهاد أخصّ مطلقا من متعلّقات الفقاهة ، كما هو ظاهر من ملاحظة إطلاقاتهم والرجوع إلى تحديداتهم في المقامين.
وعن الثامن : أنّ الظاهر من الحكم الشرعي هو الفرعي ، كما هو المنساق من حدّه المعروف ، بل ربما يقال باختصاصه به بحسب الاصطلاح فتأمّل. وبنحو ذلك يجاب عن التاسع ، إذ المنساق من الحكم الشرعي هو الحكم الثابت من الشرع للأفعال من غير ملاحظة لخصوصيّة الموضوعات ، وأمّا التمييز بينها وإثبات الأحكام الخاصّة لها حسب ما يستكشف في القضاء فممّا لا ينصرف إليه الإطلاق.
ثانيهما (١) :
أن يؤخذ اسما غير مصدر وقد عرّفه شيخنا البهائي : بأنّه ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي من الأصل فعلا أو قوّة قريبة. فبأخذ الملكة في الحدّ يخرج استنباط بعض الأحكام تعسّفا من غير حصول ملكة ، أو تلقينا للأدلّة من غيره من غير أن يكون له استقلال في الاستنباط. وبأخذ القوّة القريبة يدخل من له تلك الملكة من غير أن يستنبط بالفعل ، بل يحتاج إلى زمان ، إمّا لتعارض الأدلّة ، أو لعدم استحضار الدليل ، أو لاحتياجه إلى التفات أو نحو ذلك ، كذا ذكر الشارح الجواد.
__________________
(١) ثاني الإطلاقين للاجتهاد.