المسائل اصوليّة كانت أو فروعيّة يتوقّف على علمه بقبول الاجتهاد للتجزّي ، فهو على إطلاقه ممنوع ، إذ لا توقّف للعلم بحجّيّة ظنّه في المسائل الاصوليّة على صحّة التجزّي في المسائل الفقهيّة.
فمدفوع ، بما مرّ بيانه من عدم الفرق في الحكم بحجّية الظنّ المتجزّئ في المسائل الفقهيّة والاصوليّة وغيرهما ممّا يتوقّف عليه استنباط الأحكام الشرعيّة ، فمنع التوقّف في المقام غير متّجه ، وفرض كونه مطلقا في استنباط الأحكام الاصوليّة غير مفيد كما عرفت.
والّذي يقتضيه التحقيق في المقام أن يقال : إنّ استنباط المتجزّئ إمّا أن يكون بالنسبة إلى المسائل القطعيّة أو الظنّية ، وعلى الثاني فإمّا أن يتّفق له القطع بالمسألة أو لا ، وعلى الثاني فإمّا أن يراد معرفة جواز التجزّي في الاجتهاد وعدمه في نفسه ولو كان الحاكم به مجتهدا مطلقا على نحو غيرها من المسائل ، أو يراد معرفة الحكم بالنسبة إلى معرفة تكليف المتجزّئ نفسه في جواز بنائه على ما يستنبطه في المسائل إذا ذهب إلى جواز التجزّي وحجّية ظنّ المتجزّئ ، وعلى كلّ حال فإمّا أن يراد معرفة حاله في جواز رجوعه إلى ظنّه ، أو جواز رجوع غيره إليه في الفتيا وإمضاء حكوماته في القضاء.
فنقول : لا ينبغي التأمّل ظاهرا في حجّية ما يحصله من الأدلّة بالنسبة إليه في الصورتين الاوليين ، إذ لا مزيد على القطع في معرفة التكاليف ، فبعد حصول القطع بالحكم لا مجال للتأمّل في حجّيته ، ولو حصل له القطع بكونه مؤدّى الأدلّة الموجودة وإنّ من خالفه فيه مخطئ قطعا لما قامت عليه الأدلّة الشرعيّة ممّا يمكن الوصول إليه ، ففي جواز اتّكاله عليه وجهان : من عدم حصول القطع بالواقع فيكون الحال فيه كسائر ظنونه ، ومن تحصيله القطع بالطريق وهذا هو الظاهر.
وكون المتيقّن من حجّية تلك الأدلّة حجّيتها بالنسبة إلى المجتهد المطلق دون المتجزّئ فلا فائدة في تحصيله القطع بمقتضاها مدفوع ، بأنّ قول المجتهد إنّما يكون حجّة من حيث كشفه عن الأدلّة الشرعيّة ، وليس قوله حجّة من حيث هو ،