التكليف ـ لكفى في القطع بحجّيته ، مع أنّ هناك أدلّة خاصّة على حجّية عدّة من الطرق الظنّية ، كما قرّر في محلّه.
وقد اعترف الأخباريّون بحجّية قول الثقة وجواز الاعتماد عليه في الأحكام الشرعيّة ـ كما دلّت عليه عدّة من النصوص ـ مع أنّه لا يفيد غالبا ما يزيد على الظنّ. ودعوى إفادة قول الثقة القطع بالواقع ـ كما صدر من جماعة منهم ـ ممّا يشهد ضرورة الوجدان بخلافه مع ثبوت وثاقته بطريق اليقين فكيف! مع ثبوتها بحسن الظاهر.
ومنها : أنّ العمل بالظنّ ممّا يستقلّ العقل بقبحه فيستحيل تجويز الشرع له ، ووهنه ظاهر ، فإنّه إن تمّ ذلك فإنّما يتمّ بالنسبة إلى الاعتماد على الظنّ من حيث إنّه ظنّ ، وأمّا مع أوله إلى العلم وانتهائه إلى اليقين فكلّا. وكيف! يتوهّم ذلك ولا عمل حينئذ إلّا بالعلم.
ومن البيّن أنّ المسائل الفقهيّة إنّما يراد لأصل العمل ، ومن الظاهر أيضا أنّه بعد قيام الدليل القاطع على وجوب العمل بمؤدّى الأدلّة الظنّية يكون العمل حاصلا على وجه اليقين ، دون الظنّ والتخمين. كيف! ولو لا ذلك لم يجز بناء الشرع على الأخذ بالظنّ أصلا لعدم جواز الاستثناء في القواعد العقليّة ، مع أنّ جواز العمل بالظنّ في كثير من المقامات ـ كالحكم بالشهادات والاعتماد على إخبار ذي اليد ونحوهما ـ ممّا لا كلام في وروده في الشرع ، بل وكذا الحال بالنسبة إلى دلالة الألفاظ ، لقيام الإجماع على جواز الاعتماد فيها على الظنون ، وكذا الحال في جواز الاعتماد على قول الثقة ، كما دلّت عليه روايات عديدة.
ومنها : ما ذكره بعض المحدّثين : من أنّ المتقدّمين من علمائنا لا يقولون بجواز الاجتهاد والتقليد ولا يجيزون العمل بغير الكتاب والسنّة من وجوه الاستنباطات الظنّية. ومن المعلوم أنّ طريقة المتقدّمين هي الموافقة للأئمّة عليهمالسلام ولأحاديثهم المتواترة ، فإن شذّ منهم شاذّ أحيانا أنكر عليه الأئمّة إن كان في زمان ظهورهم. وفي هذه الطريقة مباينة لطريقة العامّة مباينة كلّية. وطريقة المتأخّرين