على ترتّب الثواب أو العقاب ليكون ذلك داعيا إلى الإقدام والإحجام ، نظرا إلى وضوح ترتّب الثواب أو العقاب على مخالفة الأحكام الظاهريّة لقيامها مقام الواقعيّة. بل قد يقال بإناطة الثواب والعقاب مدار التكليف الظاهري سواء طابق الواقع أو لا وإن أمكن القول باختلاف الثواب والعقاب مع المطابقة وعدمها ، وذلك لا يستلزم التصويب كما لا يخفى.
وأمّا ثانيا : فبالمنع من كلّية الكبرى ، إذ ليس كلّ لطف واجبا عليه تعالى. كيف! وظهور الإمام عليهالسلام من اللطف على الوجه المذكور قطعا. ودفع أهل الفساد المانعين من تمكّنه من اللطف كذلك فيكون واجبا عليه تعالى مع أنّ المعلوم خلافه ، فلا مانع من أن يكون البناء على الظنّ في أزمنة الغيبة وانقطاع اليد عن الرجوع إلى الأئمّة عليهمالسلام من قبيل ذلك. بل يمكن أن يكون ذلك من فروعه ، حيث إنّ انسداد سبيل العلم إنّما جاء من جهة غيبة الإمام عليهالسلام وخفاء طرق الأحكام فيكون الأمران من قبيل واحد ، مضافا إلى أنّ كون التكليف بالعلم لطفا محلّ منع ، بل قد يقال بأنّ عدم إلزام المكلّفين بتحصيل اليقين في خصوصيّات التكاليف هو اللطف ، لما في إناطة التكليف بخصوص العلم بالأحكام من الحرج التامّ ، ولذا اكتفى الشارع في زمانه عن المكلّفين بالأخذ بعدّة من الطرق الظنّية مع انفتاح سبيل العلم حينئذ كما أشرنا إليه في محلّه.
ومنها : أنّ الظنّ مداركه مختلفة غير جارية على وجوه منضبطة فلا يكون الأحكام المبتنية عليها جارية على قانون واحد بل يختلف جدّا بحسب اختلاف الآراء ، ومثل ذلك لا يصلح أن يكون مدارا للتكليف سيّما بالنسبة إلى عامّة الأنام إلى قيام القيام.
ويوهنه : أنّ ذلك لو تمّ فإنّما يتمّ لو قلنا بكون المرجع هو مطلق الظنّ من أيّ طريق. وأمّا إذا قلنا بكون المناط هو الأخذ بظنّيات خاصّة والتمسّك بقواعد مخصوصة منضبطة كما هو المختار فلا ، مضافا إلى أنّ ذلك وجه استحساني لا يصلح حجّة لتأسيس حكم شرعي، وأيّ مانع من اختلاف التكاليف في ظاهر الشريعة على حسب اختلاف الظنون وإن كان الحكم الواقعي أمرا واحدا.