ويدفعه : أنّه إنّما ينوي التقرّب في المقام بخصوص ما تعلّق به الأمر الحاصل في ضمن المجموع ، مثلا ينوي التقرّب بالصوم المأمور به شرعا الحاصل في ضمن التروك الخمسين ، ولا ينوي الصوم بمجموع التروك الخمسين حتّى يندرج في البدعة. ولا مانع من عدم تعيّن الأجزاء وتميّزها عنده كلّا أو بعضا ، إذ لا دليل على لزوم تعيّنها بعد قصد الفعل المعيّن في الشرع المعلوم حصوله بذلك.
والحاصل : أنّ تصوّر الفعل بوجه مّا وتعيّنها كذلك كاف في قصده ونيّته. والعلم بحصوله في ضمن تلك الجملة كاف في أدائه وتفريغ الذمّة منه ، فلا بدعة من جهة النيّة حيث إنّه لم ينو التقرّب إلّا بنفس المأمور به ، ولا محذور في أدائه في ضمن الجملة ، لحصول العلم بالإتيان به بذلك من غير لزوم مفسدة.
غاية الأمر عدم تعيّن الأجزاء على وجه التفصيل ولا مانع منه ، إذ لا باعث في اعتباره في أداء المأمور به ، وهذا بخلاف الصلاة في الثوبين المشتبهين ونحوها ، لقصده هناك التقرّب بما ليس بمقرّب في الواقع.
فإن قلت : إنّه إن كان الداعي له على التلبّس بجميع تلك الأفعال هو القربة ، فقد نوى التقرّب بما ليس بمقرّب ، أو بغير ما يعلم أنّه يندرج في المقرّب ، فيندرج في البدعة إلّا حال الضرورة ، لتوقّف الواجب عليه. وإن لم يكن الداعي على بعضها القربة لم يمكن الحكم بالصحّة ، لاحتمال اندراجه في المطلوب فلا يحصل التقرّب بالمجموع مع إيقاع بعضه لا على وجه القربة.
قلت : إنّ قصد التقرّب بالفعل الشرعي إجمالا كالصوم والصلاة ـ مثلا ـ مع العلم بحصول مصداقه بالفعل المفروض كاف في أداء المأمور به على وجه القربة وإن لم ينو التقرّب بالمجموع وهو مستمرّ فعلا أو حكما حين الإتيان بتلك الأجزاء ، ولا يعتبر فيه التقرّب بخصوص كلّ من الأجزاء ، بل لابدّ من مقارنتها لتلك النيّة فعلا أو حكما وهو حاصل في المقام.
نعم لو نوى الإتيان بها على أنّها أجزاء للفعل المطلوب كان ذلك بدعة ، لكنه غير معتبر في الإتيان بالعبادة. ولو اعتبرت نيّة الجزئيّة في الجملة فالإتيان بكلّ