منها من جهة احتمال اندراجه في المطلوب كاف في ذلك من غير أن يشوبه شائبة البدعيّة.
رابعها : أن يدور الواجب بين فعلين أو أفعال عديدة فلا بدّ له من تكرار العمل حتّى يحصل له اليقين بالفراغ ، كأن يدور الأمر بين كون بعض الأفعال جزء منه أو شرطا أو مانعا فلا يحصل له اليقين إلّا بالتكرار ، وحينئذ فلا يصحّ له الأخذ بالاحتياط مع إمكان الاستعلام ، إذ قصد التقرّب لغير المقرّب من باب الاحتياط إنّما يتمّ عند الضرورة وعدم التمكّن من الوصول إلى الواقع.
نعم يصحّ ذلك في الصورة السابقة حيث يعلم كون التكرار محلّا للاحتياط بخلاف هذه الصورة. هذا بالنسبة إلى العبادات المتوقّفة على قصد القربة.
وأمّا بالنسبة إلى غيرها من سائر الواجبات ممّا يمكن إحراز الواقع فيها بالتكرار فلا إشكال ، مع عدم قيام احتمال التحريم. وكذا الحال بالنسبة إلى المعاملات فلا مانع من تكرار العقود والإيقاعات عند الشكّ في صحّة كلّ منها والعلم بحصول الصحيح في جملتها. وكذا الحال في الصور المتقدّمة من غير إشكال في الجميع.
وقد يستشكل في قصد الإنشاء في المقام مع التردّد في حصول المنشأ بكلّ من الصيغ.
ويدفعه : ما مرّ من الفرق بين حصول ذلك في حكم الشرع وإيقاع مدلوله العرفي ، ولا ريب في حصول الثاني بمجرّد قصد الإنشاء بالصيغة سواء ترتّب عليه الأوّل أولا ، وهو الّذي يقصد بإنشاء العقود والإيقاعات ، وأمّا الأوّل فلا ربط له بالإنشاء ، وإنّما هو حكم شرعي متفرّع عليه على فرض استجماعه الشرائط هذا. وإن لم يمكن إحراز الواقع بمراعاة الاحتياط على أحد الوجوه المذكورة وأتى بالفعل متردّدا في صحّتها ، فإن كان من العبادات كان فاسدا ، لعدم إمكان قصد التقرّب بالفعل والإتيان به على وجه الامتثال مع التردّد في كونه مطلوبا للآمر راجحا عنده ولو من باب الاحتياط ، بل يكون الإتيان به كذلك بدعة محرّمة لا يجامع كونه واجبا مطلوبا في الشريعة ، ولو فرض مصادفة العمل للواقع فإنّها