وفساد ما يأتي به بعد التفطّن لوجوب الاستعلام وتقصيره فيه سواء طابقت الواقع صورة أو خالفته. هذا ، كلّه في العبادات الواقعة منه.
وأمّا بالنسبة إلى المعاملات الصادرة عنه ، فالظاهر عدم التأمّل في صحّتها مع الموافقة، وفسادها مع عدمها ـ حسب ما قرّرناه ـ ولم يعلم من هؤلاء خلافا في ذلك.
حجّة القول الأوّل بعد الاعتضاد بالشهرة المدّعاة والاحتياط في الدين أمران :
أحدهما : الأصل فإنّ أقصى ما دلّ الدليل على حجّيته وحصول البراءة به هو ظنّ المجتهد بالنسبة إليه وإلى من يأخذ عنه. وأمّا ظنّ غيره ممّن لم يبلغ درجة الاجتهاد ولم يأخذ الأحكام عن الأدلّة الشرعيّة فلا دليل على حجّية قوله بالنسبة إليه وإلى من يأخذ عنه ولو كان من الجهّال الغافلين ، إذ أقصى ما يقتضيه الغفلة سقوط الإثم لا صحّة العبادة.
فإن قلت : إنّ ذلك إن تمّ فإنّما يتم بالنسبة إلى الظنّ الحاصل من ذلك أو ما دون الظنّ. وأمّا إذا كان قاطعا بذلك متيقّنا به فلا مجال للريب في حجّيته عليه ، إذ لا يمكن أن يطلب من المكلّف ما فوق اليقين. فإذا كان مكلّفا بالأخذ على مقتضى يقينه مأمورا بالعمل به مؤدّيا له على الوجه المذكور كان قضيّة الأمر الإجزاء.
قلت : لا ريب أنّ اليقين الحاصل له ليس من الطرق المفيدة للعلم ، وإنّما حصل له ذلك من جهة الجهل والغفلة وقلّة الإدراك وعدم الفطنة. واليقين الحاصل على الوجه المذكور ليس طريقا موصلا إلى الواقع وإن كان قاضيا بسقوط تكليفه بالواقع بحسب حاله ، لاستحالة تكليف الغافل.
فغاية الأمر أن يكون ذلك عذرا له ما دامت الجهالة باقية. وأمّا بعد انكشاف الخلاف والعلم بعدم كون ما أخذ به طريقا شرعيّا فلا يصحّ الحكم بمقتضاه.
والحاصل : أنّ مجرّد حصول اليقين ولو من الطرق الفاسدة ممّا لا يمكن تحصيل العلم بل الظنّ منه بحسب الواقع ليس طريقا إلى الواقع عقلا ، فإنّ إصابة الحقّ في مثله إنّما يكون على وجه الاتّفاق ، ومثل ذلك لا يمكن أن يكون طريقا إليه. نعم لو قام في الشريعة على كونه طريقا إليه كان طريقا شرعيّا إلى ذلك. وفي