يقال إنّ اعتبارها ليس لأجل الظن ، إذ لو كان الاستصحاب في مورد بخصوص عنوانه حجة كان لأجل الظن على مذاقهم ، نعم يصح أن يجاب عن أصل الدليل بأنه إنما يتم لو قلنا بحجّية الاستصحاب من باب الظن وأمّا بناء على حجيته من باب التعبّد لا يلزم منها ترجيح بيّنة النفي لأنه أصل لا يصلح أن يعاضد الأمارة ، وهذا جواب ثالث عن الاستدلال بضميمة الجوابين في المتن.
ويمكن أن يجاب عنه بجواب رابع : وهو أنّ ترجيح إحدى البيّنتين على الاخرى لا يتوقّف على كون المرجح حجة في نفسه ، بل يكفي فيه كونه مفيدا للظن ، فيصح سوق الكلام في قبال من يدّعي حصول الظن من الاستصحاب فيقال لو كان كذلك لرجح به بيّنة النفي مطلقا لكونها موافقة للاستصحاب وإن لم يكن حجّة (١) ، هذا.
ويمكن أن يجاب عن أصل الاستدلال بجواب خامس وهو أنّ الاستدلال مبني على كون بيّنة النفي مسلّمة الحجية عندهم ، وعلى كون الحكم في تعارض البيّنتين هو البناء على الترجيح عند الجميع ، وعلى كون الترجيح معتبرا بمطلق المرجح الشامل لمطلق الظن الحاصل من الاستصحاب حتى يستكشف من تسالمهم على هذه المقامات الثلاثة وتسالمهم على عدم ترجيح بيّنة النفي بالاستصحاب عدم حجية الاستصحاب ، لكن المبنى غير مسلّم في المقامات
__________________
(١) أقول : الإنصاف عدم ورود هذا على المستدل ، بل له أن يقرّر الدليل هكذا لو كان الاستصحاب حجّة كان من جهة حصول الظن بالبقاء ، ولو كان الظن حاصلا من الاستصحاب لزم ترجيح بيّنة النفي مطلقا على بيّنة الاثبات لاعتضادها بالظن الاستصحابي ، وحيث لا يرجّحون بيّنة النفي يستكشف منه عدم حصول الظن من الاستصحاب وحيث لا ظن لا حجّية للاستصحاب.