الضمان ، ووجوب الغسل أو الوضوء في مسألة الجنابة والحدث عند اجتماع شرائط التكليف من البلوغ والعقل وغيرهما ، ولا ندّعي إرجاع الحكم الوضعي إلى التكليف المنجّز حتى ينافي ثبوته للصبي والمجنون ، هذا محصّل كلامه ، وكان يمكن للمصنف أن يجيب عنه أيضا بنظير ما أجاب عن سببية العقد للملكية والزوجية من أنّها امور واقعية قد كشف عنها الشارع ، فيدّعي هنا أيضا أنّ الضمان والجنابة والحدث أوصاف واقعية مسبّبة عن الاتلاف والامناء والبول ونحوها من الأسباب الواقعية واقعا وقد كشف عنها الشارع ، فإنّ هذه الدعوى ليست بأبعد ممّا ادّعاها فيما ادّعى من الأمثلة ، هذا.
وفيه أوّلا : أنّ ما ذكره من انتزاع السببية في الموارد المذكورة من التكليف غير المنجّز بوجوب دفع البدل أو وجوب الغسل والوضوء إن أراد منه الوجوب المعلّق ، فمن المعلوم عدم تعلق التكليف بالصبي والمجنون لا منجّزا ولا معلقا ، وإن أراد منه الوجوب المشروط كما هو الظاهر ثبت المدّعى لأنه لا تحقّق للتكليف المشروط قبل تحقق شرطه أي البلوغ والعقل ، مع أنّ الحكم الوضعي متحقق حال الجنون والصبا (١).
وثانيا : أنّ ما ذكره من أنّ ضمان الصبي منتزع من خطاب الشارع البالغ العاقل الموسر بقوله اغرم ما أتلفته في حال صغرك مدخول بأنّه قد يموت قبل البلوغ فما معنى الضمان حينئذ مع عدم تصور تكليف له بالمرّة ، ولو بدّل المصنّف هذا بأنّ ضمانه منتزع من خطاب الشارع وليه من أب أو جد أو حاكم أو عدول
__________________
(١) أقول : للمصنّف أن يدفع هذا عنه باختيار الشق الثاني ويقول يمكن أن ينتزع من التكليف الذي يحصل في المستقبل وضع يتقدّم اعتباره بملاحظة حصول بعض مقدّمات ذلك التكليف حينئذ كالاتلاف.