خطاب من الشرع بلسان الوضع بحسب ظاهر الدليل نحمله على ظاهره ولا نرفع اليد عن هذا الظاهر بمجرد عدم العلم بكونه ممكنا أو ممتنعا غير معقول ، بل نكتفي باحتمال كونه ممكنا ومعقولا ونعمل على ما يقتضي ذلك الظاهر حتى يثبت امتناعه ، فإن قام البرهان على امتناعه فحينئذ نرفع اليد عن الظاهر ونؤوّله إلى ما يكون ممكنا معقولا ، وهكذا يكون بناء مذاهب المسلمين في المسائل الكلامية فإنّ جملة من المطالب الواردة في شرعنا في ظواهر الكتاب والسنّة من كيفيات الحشر والنشر والميزان والحساب والصراط والمعراج والمعاد الجسمانيين إلى غير ذلك محل الشك والتأمّل في إمكانه أو امتناعه ، إلّا أنّ بناء المسلمين على الاعتقاد بما يفهم من ظواهر الآيات والأخبار إلّا فيما علم عدم إمكانه فيتكلّفون حينئذ التأويلات ولو كانت بعيدة غاية البعد.
إذا تمهّد ذلك فنقول : إنّ المسألة ذات قولين واستدل المثبتون بوجوه :
الأول الأصل على ما مرّ تقريره آنفا فلا نعيد. الثاني : ما أشار إليه في المتن حكاية عنهم من :
قوله : من أنه قد يتحقق الحكم الوضعي في مورد غير قابل للحكم التكليفي كالصبي والنائم وشبههما (١).
يعني أنه لو كان الحكم الوضعي منتزعا من التكليف لزم عدم ثبوته عند عدم كون المورد قابلا للتكليف كالصبي والمجنون والنائم ونحوها مع أنّ الحكم بضمانهم لما أتلفوا في هذه الحالات وكذا جنابتهم وحدثهم عند عروض أحد أسبابهما في تلك الأحوال ممّا لا ينكر. وقد أجاب عنه المصنف في المتن بأنّها أيضا راجعة إلى التكليف بوجوب أداء البدل من المثل أو القيمة في مسألة
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ١٢٦.