جار في القسم الأول.
أمّا الأول : فلأنه كما أنّ عنوان السبب مقدّم على المسبب بحقيقته طبعا كذلك عنوان الجزء بحقيقته مقدّم طبعا على عنوان المأمور به المركب بوصف أنه مأمور به ، فلو كانت الجزئية منتزعة من التكليف المتعلق بمجموع الأجزاء لزم تأخرها طبعا عن الأمر وعن المأمور به بوصف أنه مأمور به وهو المحذور ، نعم ذات المركب المأمور به من دون وصفه العنواني متقدمة على الأمر كذات الجزء ، لكن لا يصدق على ذات أجزاء المركب قبل الأمر وقبل اتصافها بوصف كونها مأمورا بها الكل والمركب لينتزع عنه جزئية كل واحد من أجزائه.
وأمّا الثاني : فلأنه كما أنّ إيجاب مركب خاص يوجب قهرا اتصاف كل واحد من أجزائه بالجزئية للواجب كذلك إيجاب الصلاة عند الدلوك يوجب قهرا اتصاف الدلوك بالسببية للوجوب ، لأنه يصدق أنّ به تحقّق الوجوب الذي لم يكن قبله. وبعبارة اخرى : أنّ انتزاع الجزئية لم يكن إلّا لأجل أخذ الآمر للجزء داخلا في موضوع ما أمر به ثم أمر به ، ونظير هذا المعنى متحقق بالنسبة إلى سببية الدلوك للايجاب. وإن شئت فعبّر شرطية الدلوك له فإنهما من واد واحد ، لأنّ الدلوك أيضا قد اعتبر في الموضوع وقتا ثم امر به ، فيصح انتزاع السببية أو الشرطية للدلوك بالنسبة إلى التكليف وهو المراد.
وأمّا ثالثا : فلأنّ ما ذكره من لزوم تقدم المسبب على السبب مدفوع بأنّ ذات السبب الذي هو معروض للسببية الانتزاعية مقدمة على مسبّبه ، وهذا هو المراد من تقدّمه الطبعي ، ولا يقدح فيه أنّ نفس الانتزاع متأخر عن ذات السبب والمسبب.