المقام إلى أن السببية والشرطية والمانعية بالنسبة إلى أصل التكليف غير معقولة مطلقا لا جعلا ولا انتزاعا ، لكن الشرطية والمانعية وكذا الجزئية بالنسبة إلى المكلّف به معقولة انتزاعا لا جعلا ، واستدل على عدم قابلية الجعل في المقامين ببعض الوجوه المتقدمة التي أشرنا إليه مع جوابه ، وقال في بيان عدم معقولية السببية والشرطية والمانعية للتكليف انتزاعا ما لفظه : أنه لا يصح أن ينتزع السببية حقيقة للدلوك مثلا عن خطاب إيجاب الصلاة عنده كما يصح انتزاع الجزئية أو الشرطية حقيقة لما اخذ فيها شطرا أو شرطا ، ضرورة عدم اتّصاف الدلوك بها حقيقة كيف وإلّا يلزم تأخر السبب عن المسبب ، نعم يصح أن يقال إنّه سبب مجازا استعارة أو مجازا مرسلا فتفطّن ، انتهى.
توضيحه : أنّ ماهية السبب بهذا الوصف العنواني قد اخذ فيها التقدم الطبعي على المسبب ، فلو فرض صحة انتزاع السببية للدلوك عن خطاب إيجاب الصلاة عند الدلوك لزم تأخر السبب بوصفه العنواني عن مسببه وهو الايجاب ، ضرورة تأخر المنتزع عن المنتزع منه طبعا ، فيلزم تأخر الشيء عن نفسه بمرتبتين وهو بديهي الفساد.
وقال في بيان معقولية الجزئية والشرطية والمانعية للمكلف به انتزاعا ما لفظه : أنّ إيجاب مركب خاص يوجب قهرا اتصاف كل واحد من أجزائه بالجزئية للواجب وما به خصوصية من القيود بالشرطية والمانعية ، ويكون إنشاء إيجابه انشاء لها تبعا كما كان له أصالة ، انتهى.
وفيه نظر أمّا أوّلا : فلما مر من معقولية الجعل أصالة في المقامين فضلا عن الانتزاع والتبعية ، وقد عرفت توجيهها مفصّلا.
وأمّا ثانيا : فلأنّ ما ذكره في وجه عدم معقولية الانتزاع في القسم الأول جار في القسم الثاني ، كما أنّ ما ذكره في وجه معقولية الانتزاع في القسم الثاني