الوجوب مقتضى ذاتها ، بل يجري النقض في الأعراض الخارجية بالنسبة إلى معروضها كالسواد للجسم مثلا ، أنّ الربط الخاص الاعتباري يحصل بنفس إنشائه ولا يلزمه أن يكون كل شيء سببا لكل شيء لم يعتبر هذا الربط الخاص بينهما بانشاء المعتبر وإلّا فكل شيء اعتبر المعتبر هذا الربط بينه وبين شيء آخر يكون سببا له بالمعنى المذكور.
واندفع أيضا ما قيل من أنّ سببية الدلوك للايجاب لو كانت مجعولة فلا يخلو من أن يكون الايجاب أيضا مجعولا قبل جعلها أو معه أو بعده أو لا يكون مجعولا ، والكل باطل لأنه على الأول يلزم تقدم المعلول على علته ، وعلى الثاني والثالث يلزم عدم كون السبب سببا وإلّا لم يحتج إلى الجعل ، وعلى الرابع يلزم مقهورية الباري تعالى في إرادته لحصول الايجاب من دون إرادته وجعله.
توضيح الاندفاع : أنّا نختار الشق الرابع ونقول إن الايجاب هنا ليس مجعولا بجعل على حدة وإنما هو مجعول تبعا لجعل السببية نظير جعل إيجاب الشيء الذي يتبعه إيجاب مقدمته وحرمة ضدّه على القول بهما ، ولا يلزم مقهورية الجاعل لأن المقدور بالواسطة مقدور ، والأفعال التوليدية من فعل الفاعل المختار تسند إليه وتعدّ من أفعاله الاختيارية.
ثم لا يخفى أنّ السببية إنما يعقل وضعها بالنسبة إلى التكليف كسببية الدلوك للايجاب ، والجزئية إنما يعقل وضعها بالنسبة إلى المكلّف به كجزئية السورة للصلاة ، وأمّا الشرطية والمانعية فيمكن اعتبارهما بالنسبة إلى التكليف كشرطية البلوغ والعقل للتكاليف مطلقا ، وشرطية الاستطاعة للتكليف بالحج ومانعية الحيض والنفاس للتكليف بالصلاة ، ويمكن اعتبارهما بالنسبة إلى المكلّف به كشرطية الطهارة والستر والقبلة للصلاة ومانعية الحدث والاستدبار والتكفير لها.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه ذهب بعض المحققين من المعاصرين في هذا