إلى الواقع كسائر الطرق التعبّدية ، إلّا أنّه لا شاهد لهذه الدعوى سوى ما يتوهّم من انصراف الأخبار إلى اعتبار الاستصحاب من حيث وصف كشفه الظنّي عن الواقع ، وعليه يكون الاستصحاب من الأدلّة الاجتهادية الناظرة إلى الحكم الواقعي ، إلّا أنّه بعيد عن مساق الأخبار كما يأتي في محلّه ، وكذا لو جعلنا حجّية الاستصحاب دائرة مدار الظنّ الشخصي كما ينسب إلى البهائي (رحمهالله) (١) واستدللنا له بالأخبار فهو من الأدلّة جزما.
قوله : وأمّا بناء على كونه من أحكام العقل فهو دليل ظنّي اجتهادي (٢).
يعني بناء على المختار من حكومة العقل على فرض تسليمه فإنّه يحكم ببقاء الحكم السابق واقعا ولو ظنّا ، وإلّا فيمكن أن يكون الاستصحاب من الاصول العملية مع فرض كونه من أحكام العقل بجعله من الاصول العقلائية ، ويقال إنّ العقلاء يتعبّدون في طريقتهم بالبناء على الحالة السابقة لا من حيث الظنّ ببقائها بل من حيث إنّ عدم البناء عليها والتوقّف في موارد الشكّ بالبقاء يوجب اختلال النظام ، لكن هذا فرض غير واقع وسيأتي في محلّه إنكار مطلق التعبّد في طريقة العقلاء.
واعلم أنّ قاعدة اليقين على القول باعتبارها كالاستصحاب إن استفيدت من الأخبار فهي من الاصول العملية ، وإن استفيدت من العقل فمن الأدلّة الاجتهادية وبيانه كبيانه على المختار والمزيّف.
لكن قيل إنّ قاعدة اليقين على فرض حجّيتها من الاصول حتما ولا يمكن
__________________
(١) الحبل المتن : ٣٧.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ١٣.