التقادير.
الثالث : أنّ الطلب والوجوب مفاد هيئة الأمر لا المادة وهذا ممّا لا كلام فيه.
والتحقيق أنّ وضع هيئة الأمر من قبيل أوضاع الحروف ، أمّا الموضوع له فيها خاص كما هو الحق أو المستعمل فيه على ما هو رأي القدماء من أهل العربية وعلى أي تقدير يكون المعنى جزئيا حقيقيا بكل وجه فليس قابلا للتقييد بوجه من الوجوه.
وفيه أوّلا : النقض بمثل قول القائل اغتسل للجمعة ندبا وللجنابة وجوبا فلا ريب في صحة هذا الاستعمال ولا شك أنّ الوجوب والندب في الكلام قيد للطلب دون المطلوب. وثانيا : بالحل وهو أنّ المعنى الربطي الذي وضع الهيئة بازائه هو نفس الانشاء ، ولا ريب أنّ التعليق بالنسبة إلى نفس الانشاء غير معقول وإلّا يلزم من وجوده عدمه وهو الذي يقال إنه خاص وجزئي حقيقي بخلاف الطلب الذي هو المنشأ فإنه قابل للاطلاق والتقييد. وإن شئت لاحظ قوله أوجبت عليك كذا إن كان كذا ، فلا ريب أنّ الشرط قيد لمادة الايجاب في الكلام ولا فرق بينه وبين افعل كذا إن كان كذا ، وأيضا لا فرق في التعليق المتعلق بالكلام الانشائي بين صيغة الأمر وصيغة إنشاء المعاملة كقوله بعت ، فإن المصنف قد سلّم في باب البيع من كتاب المكاسب صحة التعليق فيه عقلا ردّا على من منع ذلك بزعم عدم معقولية التعليق في الانشاء قائلا إنّ التعليق يرجع إلى المنشأ دون الانشاء.
وتحصّل مما ذكر من أول المسألة إلى هنا : أنّ تقيد الحكم بالقيد أمر معقول فيمكن تعلق الشك بالحكم ، ولا يرجع الشك فيه إلى الشك في الموضوع كما أراده