بالبقاء بل يكون عبارة عن الملازمة بين ثبوت الشيء سابقا وثبوته في الزمان المشكوك ملازمة ظنّية ، ولمّا كان الحاكم بهذه الملازمة هو العقل صحّ أن يقال إنّه دليل عقلي.
وأنت خبير بما في هذا الكلام ، لما عرفت من أنّ عمدة الوجه في الاستصحاب من الأدلّة العقلية على تقدير اعتباره من باب الظنّ أنّ الحاكم ببقاء ما كان يعني ظنّا هو العقل الثابت حجّيته أيضا بحكم العقل.
ثمّ أورد المورد المذكور على ما ذكره المصنّف في المتن في ذيل بيانه للتوصّل إلى الحكم الشرعي بالحكم العقلي بما ملخّصه : أنّ القياس الذي يتوصّل به إلى الحكم الشرعي قياس آخر صغراه ما هو نتيجة القياس المذكور في المتن وكيفية ترتيب القياسين جميعا هكذا : أنّ الحكم الشرعي الفلاني ثبت سابقا ولم يعلم ارتفاعه ، وكلّ ما كان كذلك فهو مظنون البقاء ، فالحكم الفلاني مظنون البقاء ، ثمّ يترتّب قياس آخر بقولنا إنّ الحكم الفلاني مظنون البقاء وكلّ ما كان كذلك فهو باق شرعا بدليل حجّية ذلك الظنّ شرعا ، فالحكم المذكور باق شرعا ، ويكون القياسان المذكوران متخالفين في أنّ الصغرى في الأوّل شرعية والكبرى عقلية وفي الثاني بالعكس ، نعم لو كان حكم العقل بكبرى القياس الأوّل قطعيا لا يحتاج إلى الدليل كان كما ذكره المصنّف ينتج الحكم الشرعي من دون حاجة إلى قياس آخر كما في الاستلزامات مثل وجوب المقدّمة ، فيرتّب القياس هكذا : هذا الشيء واجب وكلّ واجب تجب مقدّمته فهذا تجب مقدّمته ، ولو كان حكم العقل بوجوب المقدّمة ظنّيا احتاج إلى قياس آخر كالاستصحاب ، فعلى هذا مقايسة الاستصحاب وتنظيره بالاستلزامات كمقدّمة الواجب ونحوها في غير محلّها.
وفيه أوّلا : أنّ القياس الثاني مطوي مفروغ عنه ، لما مرّ أنّ الكلام بعد فرض حجّية حكم العقل وإلّا فلا معنى للاستدلال بما ليس بحجّة.