وإنما عبّر بالبقاء في تعريف الاستصحاب بملاحظة المعنى المذكور في الزمانيات لا في نفس الزمان ، وعليه لا يكون التعريف جامعا لجميع الأفراد ، أو يقال إنّ البقاء يشمل ما وجد بعد وجوده الأول ولو لم يكن في الزمان مسامحة في لفظ البقاء ، ولكن التحقيق ما سبق من أنّ البقاء حقيقة عبارة عن استمرار الشيء بلا مسامحة.
قوله : إلّا أنّ هذا المعنى على تقدير صحته الخ (١).
لا نسلّم كون الأصل المذكور من الاصول المثبتة ، فإذا كان الحكم معلّقا على النهار أو الليل كما علّق وجوب الامساك في نهار رمضان على عنوان النهار وجواز الأكل في لياليه على عنوان الليل كان استصحاب النهار أو الليل كافيا في ترتب الأثر ، وليس هذا إلّا كاستصحاب الطهارة التي هي شرط للصلاة ، فهل ترى أنّ استصحاب الطهارة لا يثبت كون الشخص متطهّرا أو لا يثبت كون الصلاة الواقعة بعده واقعة في حال الطهارة ، كلا فكيف تقول إنّ استصحاب الليل لا يثبت كون الجزء المشكوك من الليل حتى يصدق على الفعل الواقع فيه أنه واقع في الليل ، نعم استصحاب الامور المتلازمة مع الزمان على ما أشار إليه في المتن كطلوع الفجر وغروب الشمس وذهاب الحمرة بأن يقال الأصل عدم طلوع الفجر فالليل باق أو الأصل عدم غروب الشمس أو عدم ذهاب الحمرة فالنهار باق من الأصل المثبت البتة ، إلّا أنّ الواسطة خفية بحيث لا يفهم أهل العرف من عدم طلوع الفجر سوى بقاء الليل ومن عدم غروب الشمس سوى بقاء النهار ، فحينئذ لا مانع من استصحاب هذه الامور من جهة الاثبات.
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٠٤.