الثاني ، ولو شك في طريان هذا العدم الثاني لم يمكن استصحاب العدم الأزلي المنقطع بالفرض إلى زمان الشك ، وهذا بخلاف الأحكام الشرعية التي توجد بالجعل والاعتبار وتعدم بعدم جعلها فلنفرض أنّ وجوب الصوم كان معدوما في الأزل إلى يوم الجمعة أعني لم يكن مجعولا قبل يوم الجمعة ثم ثبت وجوبه في يوم الجمعة وعدم وجوبه في يوم السبت فيقال إنّ عدم وجوب صوم يوم السبت ليس عدما طارئا بل هو نفس العدم الأزلي المستمر إلى هذا الحين ولم ينقطع بوجوب الصوم في يوم الجمعة ، بل عدم وجوب صوم يوم السبت متحقق في يوم الجمعة أيضا حال وجوب صوم يوم الجمعة هذا حال اليقين ، فلو شك في الفرض في وجوب صوم السبت يمكن استصحاب عدم وجوبه الأزلي لعدم انقطاع هذا العدم أعني عدم وجوب الصوم المضاف إلى يوم السبت إلى الوجود ، نعم انقطع عدم وجوب صوم الجمعة إلى الوجود وهو غير المستصحب.
لا يقال : يجري نظير ذلك في الامور الخارجية أيضا ، فيقال إنّ رطوبة الثوب المقيدة بكونها في يوم السبت كانت معدومة في الأزل قبل الجمعة وفي الجمعة إلى يوم السبت لم يتخلل بين أزمنته وجود وإنما الموجود قبل السبت هو الرطوبة في يوم الجمعة.
لأنّا نقول : عدم وجود الرطوبة يوم السبت لا يتحقق إلّا في يوم السبت لا يتقدم على زمانه ، كما أنّ وجودها بقيد يوم السبت أيضا لا يتقدم على السبت لأنها من الامور الواقعية النفس الأمرية وجودها وعدمها لا يتعدّى عن زمانه الواقعي ، وهذا بخلاف الأحكام الشرعية لأنها تابعة للجعل والاعتبار فإنه يمكن اعتبار وجوب صوم يوم الجمعة قبل الجمعة واعتبار عدم وجوب صوم يوم السبت قبله ، فيصح أن يقال في يوم الخميس إنّ صوم يوم الجمعة واجب وصوم يوم السبت مستحب وصوم يوم الأحد مكروه وصوم يوم الاثنين مشكوك ، بمعنى