أنّ وجوب الأول واستحباب الثاني وكراهة الثالث مجعول وإن كان زمان نفس الفعل متأخرا عن زمان وجوبه ، وأمّا وجوب الرابع أي صوم يوم الاثنين مشكوك الجعل ، فلو أجرينا استصحاب عدم الجعل الأزلي لم يلزم منه الجمع بين أمرين منفصلين كما كان يلزم ذلك في نظيره في الامور الخارجية ، بل نفس عدم الوجوب الراجع إلى عدم الجعل ممتد من الأزل إلى زمان الشك وبعده ، وهذا معنى دقيق قد يخفى في النظر الجلي ، ولعلّك إن راجعت كلام المناهج وتأمّلته زادك وضوحا فإنه مثّل لتقريب المدّعى بأمثلة وأطنب في النقض والابرام لتوضيح المرام فراجع ، والانصاف أنّ الشبهة قوية يصعب الجواب عنها ليس كما يتوهّمها من لا بصيرة له في فنون العلم ودقائقه.
قوله أمّا أوّلا : فلأنّ الأمر الوجودي المجعول إن لوحظ الزمان قيدا له الخ (١).
ظاهر كلامه هذا إلى آخر ما أورده على النراقي (رحمهالله) أنّ ما اختاره من التفصيل بين الامور الخارجية والأحكام الشرعية ليس في محلّه ، بل الحقّ والتحقيق هو التفصيل بين كون الزمان ظرفا أو قيدا سواء كان في الأحكام أو في الموضوعات ، ويحتمل أنه سلّم الأمر في الموضوعات الخارجية على ما حقّقه النراقي وفصّل في الأحكام بين ظرفية الزمان وقيديته والأمر سهل.
وكيف كان ، فالظاهر أنّ النراقي (قدسسره) يتكلم على تقدير كون الزمان ظرفا لا قيدا كما تشهد به الأمثلة التي فرّعها على ما اختاره بعد التفصيل من صور التعارض ، ويحتمل إرادته الأعم على بعد ، وعلى أي تقدير فما في المتن من أنه على تقدير كون الزمان قيدا لا يجري استصحاب الوجود حقّ ، وأمّا ما ذكره من
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢١٠.