جميع الأعدام أعدام أزلية وليس لنا عدم طارئ حتى بالنسبة إلى الامور الخارجية كحياة زيد ورطوبة ثوبه فنقول : لو مات زيد وانعدم في يوم الجمعة مثلا كان هذا العدم بعد الوجود أعني عدمه يوم السبت عدما أزليا لأنه لم يزل من الأزل أنه كان معدوما في هذا اليوم المعيّن وهو باق على عدمه السابق بالنسبة إلى هذا اليوم ، وإنما كان وجوده في غير هذا اليوم من الأيام السابقة عليه بانقلاب أعدامها إلى الوجود ، وهذه الدعوى مبنية على دعوى اخرى وهي أنّ وجود الشيء المستمر زمانا كسنة مثلا يرجع حقيقته إلى وجودات عديدة متباينة بحسب آنات ذلك الزمان الممتد ، ومن هنا قالوا إنّ بقاء الشيء عبارة عن وجود الشيء في الزمان الثاني بعد وجوده في الزمان الأول ، وحينئذ يصح أن يقال إنّ كل وجود من هذه الوجودات مسبوق بعدمه الأزلي فإذا انقطع سلسلة هذه الوجودات وتحقق العدم يصدق أنّ الشيء باق على عدمه الأزلي في هذا الزمان المتأخر عن الوجودات ، لكن لازم هذا البيان أن يكون استصحاب الوجود دائما معارضا باستصحاب العدم لم يسلم عن هذا المعارض مورد من موارد استصحاب الوجود أصلا ، ولعل هذا سبب للقول بعدم اعتبار استصحاب العدم الكذائي المعارض لاستصحاب الوجود وإلّا لزم أن يكون أدلة الاستصحاب بلا مورد في الامور الوجودية ولا يمكن الالتزام به ، وممّا يشهد لصدق الدعوى المذكورة أنّا نرى أنه يختلف الموجود الواحد كزيد مثلا بحسب اللوازم والآثار في أزمنة وجوده جنينا وطفلا وشابا وكهلا وشيخا بل كل يوم وزمان هو في شأن ، ولو لا تعدد وجوداته لم يكن وجه لهذا الاختلاف ، لأنّ الشيء الواحد بالشخص لا تختلف آثاره ولوازمه فافهم ودقّق النظر (١).
__________________
(١) أقول : ونحن كلّما دقّقنا النظر وجدنا أنّ عدم زيد بعد وجوده عدم طار وأنّ وجوده من