قوله : وأمّا ثالثا فلو سلّم جريان استصحاب العدم الخ (١).
لا يخفى أنه لو سلّم جريان استصحاب العدم ومعارضته لاستصحاب الوجود يكون استصحاب عدم جعل الشيء رافعا حاكما عليهما لا محالة ، لأنّ مرجع جميع الشكوك المتصوّرة في المقام إلى الشك في رفع الحادث أثر المقتضي وعدمه ، إذ لو كان منشأ الشك الشك في أصل المقتضي وكيفية جعله لم يعقل أن يشك في الرافع من هذه الجهة أي من قبل وجود الشيء المشكوك الرافعية. وبالجملة لا فرق بين الشك في رافعية الموجود في مثل المذي وبين وجود الرافع المعلوم الرافعية كالبول في أنّ منشأ الشك الشك في رفع أثر المقتضي فلا وجه للتفكيك بينهما ، لأنّ رفع أثر المقتضي إنّما يتحقق بتحقق أمرين كون الشيء رافعا بحقيقته وكونه موجودا والشك في كل منهما شك في الرافع ، وليس الشك في المثال المفروض في جعل الشارع للحكم المستصحب بعد وجود ما هو مشكوك الرافعية إلّا من جهة الجهل بجعله رافعا أم لا وهذا واضح بعد التنبيه عليه.
قوله : إلّا أنّ الاستصحاب مع هذا العلم الاجمالي (٢).
هذه العبارة ليست موجودة في بعض النسخ وقد الحقت في بعض النسخ في هامش الكتاب وفي بعضها في المتن ، ولا يخفى أنه غير مرتبط بهذا المقام ، نعم يناسب أن تلحق قبل قوله نعم يستقيم الخ ، وظنّي أنّ المصنف ألحقها هناك وكتبها في هامش كتابه واشتبه موضع الردّة على النسّاخ وكم له من نظير وجدناه في كتب المصنف وغيره ، وكيف كان هذا الكلام في حدّ نفسه غير مستقيم ، لأنّه لمّا جعل استصحاب عدم تأثير الوضوء في الطهارة كاستصحاب عدم جعل المذي رافعا
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢١٣.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٢١٣.