الثاني : أن يراد منه فساد ما التزم به من صحة جريان استصحاب حال العقل مطلقا لما مر من بطلانه في النفي والاثبات مطلقا ، وهذا الاحتمال أنسب بسياق الكلام بملاحظة سابقه ولا حقه ، لكن يمكن دفعه بأنّ مراد صاحب الفصول أنّ تخصيص صحة جريان استصحاب حال العقل بالعدم لا وجه له ، فإمّا أن يحكم بجريانه في الوجودي والعدمي كليهما أو بعدم جريانه في كليهما لاشتراكهما في الإشكال وعدمه ، فمن يجريه في العدمي لازمه أن يجريه في الوجودي أيضا فتدبّر.
قوله : وأمّا المثال الثالث فلم يتصوّر فيه الشك في بقاء شرطية العلم (١).
يمكن تصوير الشك فيما إذا كان باب العلم منفتحا على الشخص في زمان وحكم عقله بشرطية العلم التفصيلي في ثبوت التكليف الفعلي ثم فرضنا أنه انسدّ عليه باب العلم التفصيلي مع تحقق العلم الاجمالي ، فيحصل الشك في بقاء شرطية العلم التفصيلي فيحكم بسقوط التكليف أو عدمه فيحكم بثبوته.
قوله : ويظهر أيضا فساد التمسك باستصحاب البراءة والاشتغال (٢).
يعني وممّا ذكرنا من عدم صحة استصحاب حكم العقل يظهر فساد التمسك باستصحاب البراءة والاشتغال الخ ، لكن لا يخفى أنه ذكر في بيان فساد التمسك بالاستصحاب في المثالين وجها آخر غير ما تقدم من فساد استصحاب حكم العقل مطلقا ، فتفريعه على ما تقدم في غير محله.
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢١٨.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٢١٩.