استصحاب الحكم العقلي إنما يتم لو فرض النسيان في أثناء الوقت بعد الذكر وإلّا فلو فرض النسيان من أول الوقت نتمسك باستصحاب عدم التكليف الثابت قبل الوقت إلى ما بعد زمان الذكر فإنه ليس مستندا إلى حكم العقل حتى يمنع من استصحابه ، بل هو نظير استصحاب عدم التكليف الأزلي الثابت من غير جهة العقل قبل البلوغ إذا شك فيه بعد البلوغ فإنه صرح بجريانه في المتن قبيل هذا.
قوله : وما في اعتراض بعض المعاصرين على من خص من القدماء والمتأخرين (١).
يعني ويظهر مما ذكرنا فساد اعتراض بعض المعاصرين وهو صاحب الفصول (٢) على من خص استصحاب حال العقل بالعدم وهو البراءة الأصلية بأنه لا وجه للتخصيص الخ ، وهذا الكلام يحتمل وجهين ، الأول : أن يراد به فساد التعميم الذي ذكره ، بل الحق مع من خص استصحاب حال العقل باستصحاب العدم لأنه داخل فيما ذكرنا ممّا يكون قد ورد حكم شرعي في مورد حكم العقل وقلنا بجريان الاستصحاب فيه ، وبالجملة المستصحب فيه هو العدم الأزلي غير المستند إلى حكم العقل ، وهذا بخلاف استصحاب حال العقل في الوجودي كالأمثلة المذكورة فإنه ليس هناك إلّا الحكم المستند إلى العقل فقط ولا يجري الاستصحاب فيه ، وعلى هذا الاحتمال يمكن أن يورد عليه بمنع عدم وجود الحكم غير المستند في الوجوديات فإنه قد ورد في الشرع أيضا حرمة التصرف في مال الغير ووجوب ردّ الأمانة وشرطية العلم للتكليف كما حكم بها العقل أيضا.
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢١٨.
(٢) الفصول الغروية : ٣٦٦.