قوله : منها إثبات وجوب نية الاخلاص في العبادة الخ (١).
لا يخفى أنّ المطلوب من الثمرة في هذا المقام متوقف على امور كلها محل المناقشة :
الأول : أن يكون مفاد الآية أنّ أهل الكتاب ما امروا في شرعهم إلّا ليعبدوا الله مخلصين. مع أنه يمكن أن يراد منها أنّهم ما امروا في شرعنا هذا إلّا ليعبدوا الله مخلصين ، ويكون الغرض توبيخهم وتعييرهم على عدم قبول دين الإسلام مع قيام البيّنة عليه ، ومع كون ما يؤمرون به في الاسلام ليس إلّا ما تستقل به عقولهم وثبت في شريعتهم التي يتديّنون بها وهو عبادة الله على وجه الاخلاص والصلاة والزكاة ، وبعبارة اخرى يقول ما بالهم لا يؤمنون بهذا الدين القويم والحال أنّهم ما امروا في هذا الدين إلّا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، وحسن التديّن بهذا الدين الذي أمر فيه بهذه الامور الحسنة واضح بديهي لا يعدل عنه إلّا من سفه عقله وتبع هواه وأخذته العصبية في متابعة دين آبائه وأسلافه ، بل نقول إنّ هذا المعنى هو الظاهر من الآية لو لم نقل بأنه مقطوع به ، بل نقول لو سلّمنا أنّ المراد أنهم ما امروا في شرعهم إلّا ليعبدوا الله مخلصين يكون الغرض منه الحث على التديّن بدين الإسلام الذي ما امر فيه إلّا أمثال تلك الامور التي امر بها في شرعهم وتلقّوها بالقبول ، فيكون حاصل المعنى أنّ أهل الكتاب لم لا يقبلون دين الإسلام والحال أنّ الدين الذي قبلوه وأقرّوا عليه ما امروا فيه إلّا ليعبدوا الله مخلصين ونحوه مما هو بيّن الحسن ، فليقبلوا أحكام هذا الدين الذي مثل أحكام دينهم في الحسن بعد قيام البيّنة.
الثاني : أن يكون مفاد الآية وجوب الاخلاص في العبادة بالوجوب
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٢٩.