الاستصحاب في الحكم بعدم استحبابه في محل الخلاف لأنه محل الشك. وتحقيق الجواب عنه أنّ أدلة استحباب طبيعة النكاح من حيث هي مع قطع النظر عن طرو الطوارئ الخارجية من الأخبار العامة والخاصة قد بلغت مبلغا يمكن دعوى القطع برجحان النكاح في شرعنا ، فلا نشك فيه حتى ينفعنا استصحاب حكم الشريعة السابقة ، فالحصورية لو كانت راجحة في شريعة يحيى (عليهالسلام) فهو منسوخ بشرعنا.
ويمكن أن يقال أيضا إنّ الحصور هو العفيف الزاهد في الدنيا عن ملاذ النفس التي هي مقتضى القوى الشهوية ، ورجحان هذا المعنى لا ينافي استحباب النكاح لأجل الدخول في سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله وعدم الرغبة عنه.
قوله : وفيه أنّ الآية لا تدلّ إلّا على حسن هذه الصفة (١).
وفيه أنه لا معنى لحسن صفة الحصورية على الاطلاق إلّا رجحانها على عدمها ، فلا يجامع هذا رجحان النكاح واستحبابه على الاطلاق ، فإنّ رجحان فعل شيء وتركه على الاطلاق محال لأنه يرجع إلى أرجحية الفعل على الترك وأرجحية الترك على الفعل ، نعم لا مانع من كون الفعل مقيدا ببعض الخصوصيات راجحا على الترك وكون الترك مقيدا ببعض الخصوصيات راجحا على الفعل ، وهذا هو الوجه في الجواب الثاني الذي ذكرنا في الحاشية السابقة. وإن أراد أنّ ترك التزويج حسن على الاطلاق بمقتضى الآية من حيث هو ولا ينافي ذلك رجحان النكاح بواسطة بعض الجهات الطارئة كما يشهد به تنظيره بمدح زيد بأنه قائم الليل صائم النهار ، وعدم منافاة ذلك رجحان تركهما للاشتغال بما هو أهم ، ففيه أنّ هذا تسليم للثمرة وأنه يستفاد من الآية رجحان ترك التزويج من حيث هو
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٣١.