بالسبب بجميع أجزائه وقيوده يعلم المسبّب ، وإن ثبت السبب أو بعض أجزائه أو قيوده بالأصل يلزمه ثبوت المسبّب عقلا ، ففيما نحن فيه لو اريد إثبات القتل باستصحاب حياة الملفوف كان إثباتا للمسبّب أعني القتل باستصحاب قيد السبب لأجل الملازمة العقلية الحاصلة بينه وبينه.
قوله : إلى غير ذلك ممّا لا يحصى من الأمثلة التي نقطع بعدم جريان الأصل لاثبات الموضوعات (١).
فتحصّل أنه يظهر من مذاق فقهائنا أنهم يعملون بالاصول المثبتة في جملة من الموارد كما في الأمثلة الاولة ، ولا يعملون بها في جملة اخرى كما في الأمثلة الأخيرة ، ولازم القول بحجية الاستصحاب من باب الظن اعتبار الجميع ، ولازم القول بحجيته من باب التعبّد عدم اعتبار الكل ، وإنما الإشكال في التفكيك والفرق بين هذه الأمثلة ، ونحن نقول أيضا بعد ما عرفت منّا سابقا من عدم الفرق بين القول بكون اعتبار الاستصحاب من باب الظن أو التعبّد أنّا نجد الفرق من أنفسنا بين الأمثلة كما فرّقوه ، فلا بدّ من بيان ضابطة يتميّز بها مورد الحجة منها من غير الحجة ، ثم بيان مدرك لتلك الضابطة فنقول :
يمكن أن يكون الضابط أنّ كل مورد يكون الأثر العقلي نفس موضوع حكم الشرع كالأمثلة الأخيرة فلا يثبت باستصحاب الملزوم ، وكل مورد يكون الأثر العقلي أو العادي قيدا للموضوع المتحقق بالوجدان فيثبت بالاستصحاب ، ففي مثال الملفوف لو كان المشكوك أصل القدّ الذي يتحقق به القتل فلا يثبت باستصحاب بقائه على اللف ، ولو كان الشك في القيد المعتبر في القدّ في كونه سببا للقتل وهو الحياة فيثبت باستصحاب الحياة ، وكذا مثال بقاء الماء في الحوض
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٤٣.