من باب تقديم مطلق الأمارات على الاصول لأجل الورود أو الحكومة أو التخصيص كل على مذهبه ، وعلى الاحتمالات الثلاثة الباقية يكون وجه التقديم تخصيص أدلة الاستصحاب بأدلة أصل الصحة ، لأنّ الأمر بالأخذ بها في مورد الاستصحاب في أخبار الباب يدل على تقديمها على الاستصحاب ، هذا.
وينسب إلى بعض مشايخنا المحققين وهو ميرزا حبيب الله الرشتي (رحمهالله) اختيار حكومة أدلة أصل الصحة على أدلة الاستصحاب مطلقا ، واستظهر ذلك من قوله (عليهالسلام) «فشكك ليس بشيء» في صحيح زرارة (١) وفي موثّقة ابن أبي يعفور (٢) ، بدعوى أنّ ظاهره تنزيل الشك منزلة العدم يعني بحسب الآثار ، فهو ناظر بمدلوله إلى الحكم المجعول للشك كالاستصحاب ونحوه ، فهو نظير قوله (عليهالسلام) «لا سهو في النافلة» (٣) و «لا سهو لكثير السهو» (٤) ونحوهما من موارد الحكومة الواضحة ، ولا يخفى أنّ الحكومة هنا أقرب بمراتب من حكومة الأدلة الاجتهادية على الاصول العملية مطلقا على ما اختاره المصنف ، لبعد كون الأدلة الاجتهادية ناظرة إلى إلغاء أحكام الاصول المجعولة في مواردها كما مرّ بيانه مفصّلا ، لكن هذا المعنى قريب في أدلة قاعدة الفراغ بالنسبة إلى الاستصحاب بقرينة تنزيل الشك منزلة عدمه في بعض أخبارها كما عرفت.
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢٣٧ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٣ ح ١.
(٢) الوسائل ١ : ٤٦٩ ـ ٤٧٠ / أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٢.
(٣) الوسائل ٨ : ٢٤٢ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٤ ح ٨.
(٤) راجع الوسائل ٨ : ٢٢٧ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٦.