قلت : قد تكون القدرة شرطا لأصل التكليف نظير البلوغ والعقل بحيث يكون المكلّف به حين العجز خاليا عن المصلحة والطلب ، وقد تكون شرطا لتنجّز التكليف نظير العلم بحيث يكون أصل التكليف ومصلحته
وطلبه ثابتا مطلقا حتى حال العجز كما في صورة الجهل إلّا أنّ المكلّف معذور في ترك الامتثال به ، وتصوير التزاحم إنما يكون في هذا القسم الثاني دون الأول ، نعم يبقى تشخيص موارد القسمين ولسنا بصدد ذلك الآن ، ولعلّك ممّا ذكرنا تتفطّن أنّ مسألة اجتماع الأمر والنهي ليست من باب التعارض بل من باب التزاحم.
أمّا على مذهب المجوّزين فظاهر ، فإنّ الصلاة في المكان الغصبي من أفراد المأمور به وإن كان حراما ، ولذا تصح ويحصل بها الامتثال نظير فعل غير الأهم في إنقاذ الغريقين.
وأمّا على القول بالمنع ، فإنّ المانع لا ينكر كون الصلاة في المكان المغصوب من مصاديق الطبيعة التي تعلق الأمر بها ، فلو اختارها المكلّف فقد أتى بذات المطلوب غاية الأمر عدم تعلّق الأمر بذلك الفرد بخصوصه ولو من باب سراية الأمر بالطبيعة إلى الأفراد لا لقصور في نفس الفرد ، بل لعدم تمكن المولى الحكيم من طلب فعله مع فرض نهيه عنه وتحريمه له ، ولو كانت المسألة من باب التعارض حكم بخروج هذا الفرد من بين الأفراد عن مورد الحكم ، ويقال إنّ الصلاة بقيد كونها في غير المكان المغصوب مأمور بها لا مطلقا ، ويشهد بذلك ما ذكروه من أنه لو صلّى غافلا في المكان المغصوب صحت صلاته ولو كانت المسألة من باب التعارض وتخصيص الأمر بغير مورد النهي لم يكن وجه للحكم بالصحة ، لأنه فعل غير المأمور به واقعا ، إذ لا فرق بين حال العلم والجهل بعد