الأدلة على الأدلة موافقة كانت أو مخالفة.
فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ الحكومة أن يكون أحد الدليلين ناظرا إلى الآخر نظر تفسير وبيان قصدا أو قهرا توسيعا أو تضييقا بالنظر إلى نفسه أو بملاحظة دليل حجيته ، إلى آخر ما ذكر من جهات التعميم.
وللمصنف في تعريف الحكومة عبارتان : إحداهما ما ذكره هنا وهو قوله وضابط الحكومة أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي متعرّضا لحال الدليل الآخر ورافعا للحكم الثابت بالدليل الآخر عن بعض أفراد موضوعه. والثانية : ما ذكره في خاتمة رسالة الاستصحاب وهو قوله : ومعنى الحكومة على ما يجيء في باب التعادل والتراجيح أن يحكم الشارع في ضمن دليل بوجوب رفع اليد عما يقتضيه الدليل الآخر لو لا هذا الدليل الحاكم ، أو بوجوب العمل في مورد بحكم لا يقتضيه دليله لو لا الدليل الحاكم (١) انتهى.
ولا يخفى أنّ الفقرة الثانية من العبارة الثانية ناظرة إلى ما يوجب توسيع دائرة المحكوم ، كما أنّ الفقرة الاولى ناظرة إلى ما يوجب تضييق الدائرة ، وقد أخلّ بها في العبارة الاولى وهي محتاج اليها كما عرفت. قيل إنّ الأولى هي العبارة الاولى وما ألحقه في العبارة الثانية أي الفقرة الثانية منها خارج من حقيقة الحكومة داخل في باب التنزيلات. وفيه : أنّ الحكومة أيضا قسم من التنزيل غاية الأمر أنها تنزيل ضمني في مقابل التنزيل الصريح مثل قوله (صلىاللهعليهوآله) «الطواف بالبيت صلاة» (٢).
ثم إنّ المصنف هاهنا ذكر ميزانا للحكومة بقوله : وميزان ذلك أن يكون
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٣١٤.
(٢) المستدرك ٩ : ٤١٠ / أبواب الطواف ب ٣٨ ح ٢.