كليهما كما اختاره المصنف فإنه يمكن التعارض بين الظن بالواقع والطريق القائم على خلافه وكذا بين الطرق كما عرفت.
قوله : ومثل هذا في القطعيات غير موجود (١).
يمكن دعوى وجوده في مثل الوسواسي وصاحب الجربزة اللذين لا يستقر رأيهما على شيء على سبيل القطع ، فيقال إنه لا بدّ لهما بحكم العقل البناء على الأدلة التي تفيد القطع عند العقلاء غالبا فيما يطلب فيه تحصيل القطع كمسائل اصول الدين فإنّ التكليف بوجوب الاعتقاد في الاصول غير ساقط عن مثل هذا الشخص.
ثم قبل الشروع في أحكام التعارض لا بأس بأن نشير إلى إمكان وقوع التعارض والتعادل عقلا ووقوعهما في الأدلة الشرعية فنقول : قيل بعدم إمكان وقوع التعارض عقلا متمسكا بأنه يؤدّي إلى الجمع بين المتنافيين ، يعني لو كان كل من المتعارضين حجة في الواقع لزم صحة ثبوت المتنافيين في الواقع مع أنه محال.
وقيل بعدم جواز وقوعه شرعا مستدلا بأنه إن وجب العمل بهما يلزم التكليف بالمحال ، وإن لم يجب العمل بواحد منهما لزم لغوية جعلهما أمارة وحجة ، وإن وجب العمل بأحدهما دون الآخر لزم الترجيح بلا مرجح.
وقيل في الاستدلال على نفي التعارض أنه لا يجوز تبليغ الشريعة على وجه يؤدّي إلى وصول أمارتين متعارضتين. واستظهر صاحب الفصول من هذا الاستدلال أنّ مراد المستدل عدم إمكان وقوع التعادل وإلّا فمع حصول الرجحان لأحد المتعارضين يتعيّن الراجح للأخذ به ولا يحصل قصور في التبليغ ، وكيف
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ١٨.