على الأول لو أخبر عدلان بشيء كان العمل به عملا بواجبين ، وعلى الثاني يكون عملا بواجب واحد.
الثالث : أن يكون مؤدّى الخبر بدلا عن الواقع عند تخلّفه عنه ، والفرق بينه وبين الأوّلين أنّ الحكم الشرعي على الأوّلين ليس سوى مؤدّى الأمارة وليس في الواقع مع قطع النظر عن الأمارة سوى شائبة الحكم ، فإن صادف الأمارة ذلك الحكم الشأني يصير حكما فعليا ، وإن خالفه يكون الحكم الفعلي مؤدّى الأمارة ويبقى في الواقع مجرّد شأنية الحكم ، وأمّا على الثالث يكون كل من الواقع ومؤدّى الأمارة في صورة التخلّف حكما شرعيا على البدل كل في حال.
الرابع : أن تكون مؤدّيات الأمارات أحكاما ظاهرية نظير مقتضيات الاصول العملية ، وهذا المعنى الأخير مصرح به في كلام المصنف على ما سيأتي في المتن ، وهو المناسب في المقام لجعله في مقابل الطريقية والتكلّم عليهما ، إذ المعاني الثلاثة الاول من التصويب الباطل كما لا يخفى ، لكن المصنف (رحمهالله) جرى في بيان تأسيس الأصل في المسألة على المعنى الأول فتفطّن.
ثم لا يخفى أنّ الحق المحقق اعتبار الأمارات سيّما أخبار الآحاد من باب الطريقية ، لظهور أدلة اعتبارها في أنّ المقصود منها ليس إلّا إدراك الواقع ، وكذا ظاهر الأخبار العلاجية أيضا ذلك ، لأنّ ما ذكر فيها من المرجحات ليس إلّا ما يكشف عن كون الراجح أقرب إلى الواقع وهذا المطلب من الواضحات ، وكون اعتبار الأمارة من باب السببية مجرد فرض لا حقيقة له.
ثم لا يخفى أنّ المصنف (رحمهالله) عنون البحث بالمتكافئين أوّلا ثم عدل عنه ظاهرا بتحرير الأصل في المتعارضين ، وكان الأنسب العكس بمعنى أنه كان المناسب أن يحرّر أوّلا أنّ الأصل في المتعارضين هل هو الترجيح أم لا ، ثم يحرّر أنه بعد عدم الترجيح أو عدم القول به هل الأصل هو التساقط أو التخيير أو التوقّف